راديو الرقيب
اقلاممقالات مختارة

لماذا يتمسّك لودريان بالتوافق على مُعادلة «رئيس الجمهوريّة ــ رئيس الحكومة»؟!

كتبت دوللي بشعلاني في جريدة “الديار”

صحيح بأنّ الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، جاء هذه المرّة الى بيروت ليستمع ويستطلع ويُدوّن مواقف المسؤولين السياسيين في ما يتعلّق بأسماء المرشَحين لرئاسة الجمهورية، وليستشفّ الحلّ الأفضل للأزمة الرئاسية، على أن يعود في تمّوز المقبل لتقديم بعض المقترحات الفرنسية.. غير أنّه استُنتج من خلال محادثاته مع بعض القوى بأنّ بلاده تُصرّ على معادلة «فرنجية – سلام»، ليس من باب التمسّك بهذين الاسمين بحدّ ذاتهما، لا سيما إذا لم يكن هناك توافق داخلي عليهما، إنّما على ضرورة التوافق على معادلة «رئيس الجمهورية- رئيس الحكومة»، أي بالأحرى على سلّة متكاملة. فما الذي تريده فرنسا فعلياً؟!

توضح مصادر سياسية مواكبة، بأنّه يهمّ فرنسا التوافق الداخلي على اسم مرشّح للجمهورية يكون شخصا عقلانيا، وموضع تقدير واحترام من قبل الجميع، وقادر على جمع كلّ الأطراف من حوله، لكيلا يكون هناك شريحة كبيرة من النوّاب التي تمثّل شريحة من الشعب، معارِضة لعهده، ما يجعله يتعثّر ولا يستطيع السير على الطريق الصحيح بأمان وإنتاجية. وتجد المصادر أنّه رغم أهمية دور رئيس الجمهورية ومكانته في لبنان، غير أنّه لا يقدّم ترشيحه، ولا أي مشروع أو «خطة عمل» لعهده، ليتمّ انتخابه على أساسها. فالواقع اللبناني، لا سيما بعد «اتفاق الطائف»، أعطى الحكومة مجتمعة صلاحية رسم السياسة العامّة لعهد رئيس الجمهورية.

وبما أنّ أكثر ما يهمّ فرنسا بالنسبة للبنان هو موضوع تطبيق الإصلاحات المطلوبة، لهذا أظهر لودريان خلال محادثاته مع القوى السياسية، على ما أضافت المصادر، أنّ بلاده لا تؤيّد مرشّحاً معيّناً لرئاسة الجمهورية، وأنّ موقفها لم يتغيّر، وهي ترغب بأن يُصار الى انتخاب رئيس للجمهورية يمكن أن يجمع الناس من حوله، وأن يقطع تعهّدات بعدم استخدام «الثلث المعطّل» ضدّ رئيس الحكومة، ويكون قادراً على تطبيق الإصلاحات التي لا غِنى عنها لإنقاذ البلاد من الأزمات التي تتخبّط فيها منذ سنوات.

ولأنّ العقدة الأساسية القائمة اليوم هي عدم تأمين «الإجماع» لانتخاب الرئيس، فإنّ فرنسا ستسعى الى حلّ هذه العقدة، وفق ما أكّدت المصادر نفسها، إذا استطاعت طبعاً، إذ لا يُمكن انتخاب الرئيس من دون الإجماع الكافي حول أي اسم في المجلس النيابي. وهي مهمّة صعبة تتطلّب تبديد الهواجس وإعطاء الضمانات، لكي يتمّ التوصّل الى انتخاب الرئيس بثلثي أعضاء المجلس في الدورة الأولى أو بالأغلبية المطلقة المطلوبة في الدورة الثانية.

وإذ يُنقل عن فرنسا أنّها تتمسّك بمعادلة «فرنجية- سلام» (أي مرشح «الثنائي الشيعي» الوزير السابق سليمان فرنجية والسفير نوّاف سلام)، في ما يقول البعض الآخر أنّها لا تمانع انتخاب الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، يصرّ لودريان خلال لقاءاته مع المسؤولين على أنّ بلاده لا تدعم أي مرشّح معيّن، وأنّ لكلّ من المرشَحين فرنجية وأزعور اللذين تكنّ لهما كلّ التقدير والاحترام، صفات وأخطاء، وأنّه ليس هناك من شخصية يمكنها أن تحلّ الأزمة القائمة بمفردها.

من هنا، يُفسّر إصرار فرنسا، على أن يجري التوافق منذ الآن على سلّة متكاملة أي على انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فضلاً عن شكل الحكومة وبرنامجها، خصوصاً وأنّ كلّ محطّة من هذه المحطات تستلزم وقتاً طويلاً في لبنان لإرضاء جميع الأطراف السياسية. فالحلّ يكمن، من وجهة النظر الفرنسية، وفق المصادر عينها، على توافق آراء الجميع ليس على شخص معيّن، إنّما على تطبيق «خارطة طريق» تشمل رئيسي الجمهورية والحكومة وبرنامج عملهما للمرحلة المقبلة، على أن يحصلا على دعم دول المنطقة، والدول العربية لا سيما منها الخليجية، لتذليل العقبات والخروج من عنق الزجاجة في أقرب وقت ممكن.

وأشارت المصادر الى أنّ لودريان بعد استمزاج آراء جميع الأطراف السياسية، سيرفع تقريره الى الرئيس إيمانويل ماكرون، ليتمّ بعد ذلك التباحث في ما بينه وبين السعودية ودول اللقاء الخماسي، حول الحلّ الممكن للخروج من الأزمة الحالية. علماً بأنّ بعض المعلومات تحدّثت عن أنّه جرى إبلاغ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري عن أنّ مجموعة من النوّاب السنّة غير موافقين على أن يتمّ ما جرى في «اتفاق الدوحة»، أي فرض رئيس الحكومة مع رئيس الجمهورية ويُصبح هذا الأمر عُرفاً. فكلّ استحقاق يجب أن يجرى على حدة، وليس التوافق منذ الآن على رئاسة الحكومة وشكلها ووزرائها وبرنامجها، كون ذلك من صلاحية رئيس الحكومة بحسب الدستور. وقد أجابهم البخاري إيجاباً، أي أنّه يُوافقهم الرأي في هذه المسألة، الأمر الذي سيجعل الفرنسي يأخذ هذا الأمر بالاعتبار، سيما أنّه يعتبر أن لا حلّ من دون «سلّة متكاملة» لتلافي الوقوع في الفراغ أمام كلّ استحقاق يلي انتخاب الرئيس، وقد لا يعارض السعوديون هذا الأمر في حال كان اسم رئيس الحكومة هو الاسم الذين يطرحونه في المعادلة التوافقية، مثل اسم تمام سلام، أو الإبقاء على نجيب ميقاتي في السراي الحكومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock