بالتفاصيل هكذا سيكون صيف 2023 في لبنان… هل سنشهد موجات لاهبة؟
على عكس السنوات الماضية، لم يشهد لبنان مع بداية فصل الصيف موجات حارة، بل شهدنا في عز حزيران طقساً مُتقلباً وتساقطا لأمطار متفرقة في عدد من المناطق، وكانت درجات الحرارة مقبولة نسبياً حتى نهاية الأسبوع الماضي حيث يتأثر لبنان بموجة حارة لا زالت تسيطر على منطقتنا يمكن اعتبارها الأولى لهذا الصيف. هذا الأمر جعل العديد من اللبنانيين يتساءلون كيف سيكون صيف لبنان؟ وما سبب شعورنا بطقس معتدل نسبياً ونحن أشرفنا على نهاية شهر حزيران، علما ان الموجات الحارة كانت تبدأ منذ منتصف أيار؟
في هذا الإطار، يُذكّر الأب ايلي خنيصر المتخصص بالأحوال الجوية وعلم المُناخ في حديث لـ “لبنان 24″ بالتقرير الذي نشره عام 2018 حول موضوع الـ solar minimum الذي ينتج عنه العصر نصف الجليدي mini ice age والذي بدأ تأثيره على الأرض عام 2021 حيث بدأنا نلاحظ التغير المناخي في العالم، فعلى سبيل المثال فان ولاية كاليفورنيا الأميركية شهدت تساقطا للثلوج للمرة الأولى في تاريخها وتدنت الحرارة فيها بشكل كبير، في المقابل شهدت مناطق أخرى ارتفاعا حادا بدرجات الحرارة”.
ما هو العصر نصف الجليدي؟
يُشير خنيصر إلى ان “العصر نصف الجليدي ينتج عن تراجع البقع السوداء في الشمس، فحين تكون ناشطة يكون عددها 200 بقعة وما فوق وعندما تبدأ بالركود الشمسي تتراجع إلى ما دون الـ 200 بقعة وتصل إلى حدود الـ 160 بقعة. “
ويوضح ان “الفترة الممتدة بين الـsolar minimum و solar maximum تُقارب الـ 120 سنة”.
ويُضيف خنيصر: “العصر نصف الجليدي هو كناية عن نشاط القطب الشمالي خلال الخريف والشتاء والربيع، وهو يبلغ ذروته بين فصلي الشتاء والربيع فتتدنى درجات الحرارة أكثر من معدلاتها ويؤدي ذلك لتشكل الجليد في البحار والمحيطات الشمالية ولتساقط كثيف للثلوج الأمر الذي شهدته كاليفورنيا للمرة الأولى العام الماضي حيث ضربتها عواصف ثلجية وبلغت التراكمات الثلجية ما بين 3 و 4 أمتار وتدنت درجات الحرارة إلى ناقص 8 او ناقص9”.
وتابع: “كما يؤدي العصر نصف الجليدي إلى تضارب بالضغوط الجوية وتراجع بقيم مراكز الضغوط الجوية، فمثلا نحن نعلم انه خلال شهر أيار يتمركز المنخفض الهندي الموسمي الحار فوق شبه الجزيرة العربية فكلما كان ناشطا يتدنى ضغطه إلى ما دون الـ 990 hpa أما قبل عام 2019 فكان ضغطه يصل إلى 980 و985 hpa الأمر الذي يمدد الموجات اللاهبة نحو شمال افريقيا وأوروبا وغرب روسيا والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والهند وباكستان وأفغانستان.”
وأشار إلى انه “منذ ان دخلت الشمس في مرحلة الـ solar minimum بدأ الضغط الهندي الموسمي يتراجع ليتراوح ما بين 993 و996 hpa اضف إلى ذلك تسرب رياح جليدية فوق شبه الجزيرة العربية على ارتفاع 5 آلاف متر لتلامس 8 و12 درجة تحت الصفر ونتج عن هذه الظاهرة تساقط كثيف لحجارة البرَد شملت معظم مناطق المملكة العربية السعودية، وقال: “إذا كان البرَد يتساقط بين أيار وحزيران في أكثر المناطق المدارية الحارة، فهل يجب ان نتساءل لماذا لا تشهد منطقتنا موجات لاهبة كالسابق ولماذا تأخر فصل الصيف والحر؟ “.
ما الفرق بين الموجات الحارة واللاهبة؟
يُجيب خنيصر: “عندما نتحدث عن صيف حار وموجات حارة نكون ضمن معدلات الحرارة الموسمية في كل فصل، أما عندما نتحدث عن موجة لاهبة فهي كناية عن كتل هوائية شديدة الحرارة ترفع الحرارة فوق معدلاتها الموسمية. فعلى سبيل المثال خلال الأعوام 2015 و2016 و2017 ضربت أكثر من موجة لاهبة لبنان فوصلت درجات الحرارة في البقاع مثلاً إلى الـ 46 و47 درجة لعدة أيام وأسابيع”.
وعن الموجة الحارة التي تضرب حاليا لبنان، يلفت خنيصر إلى ان “الخرائط الحرارية تظهر ان الموجة الحارة سوف تتوزع بين شمال افريقيا وجنوب أوروبا والشرق الأوسط حتى الأسبوع الأول من شهر تموز ما يعني ان طقس لبنان خلال هذه الفترة سيكون حارا ضمن معدلاته الموسمية ولا موجات لاهبة حتى الساعة، أي ان الحرارة لن تتخطى الـ 35 درجة “.
وشدد خنيصر على ان “صيف 2023 سيكون اعتياديا وستكون درجات الحرارة ضمن معدلاتها ولا موجات لاهبة حتى الساعة”، ولفت في المقابل إلى ان “الرادارات الحرارية لمياه المحيطات تُشير إلى ان موسم الأعاصير سوف يبدأ باكرا خلال شهر تموز”، مذكرا بأن “عدد الأعاصير العام الماضي بلغ 25 إعصارا كان سببها ارتفاع درجة المحيطات”.
إذا على ما يبدو صيف لبنان سيكون مُعتدلا ولا موجات لاهبة حتى الساعة، الأمر الذي سيسمح للمغتربين والسياح الذين بدأوا بالتوافد إلى لبنان بالتمتع بإقامتهم في بلد الأرز ومن استكشافه بأفضل طريقة.