دريان يدقُّ ناقوس الخطر… كلمة السر في البرلمان لا في الخارج وإلّا!
كتبت جوانا فرحات في جريدة “اللواء”
بكلام صريح وموقف مباشر دق مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ناقوس الخطر، وذلك عقب عودته من مكة المكرمة بعد أدائه مناسك الحج.
حامل الهمّ اللبناني سمع الكثير خلال زيارته المملكة العربية السعودية من خلال لقاءات قام بها، واختصر «الكثير» بما يجب أن يسمعه كثر من نواب الأمة ومن رئيس المجلس النيابي الذي ينتظر كما نواب كثيرون كلمة السر من دول صديقة أو شقيقة في حين أن الحل هنا، من داخل المجلس النيابي.
«إن مسؤولية التقاعس والتمهل في معالجة انتخاب رئيس للجمهورية تقع على جميع المعنيين في هذا الأمر… الدول العربية الشقيقة والصديقة تنتظرنا لمساعدتنا، ينبغي أن لا نضيِّع الفرصة في التعاون مع الدول الحريصة علينا، الوقت يمرّ، والمعاناة المعيشية تشتدّ، والخطر الداهم يحدّق بنا، وإذا لم نقم بالمبادرة وانتفضنا على ذاتنا لإيجاد الحلول فلا يمكن أن ننهض ببلدنا الذي هو بحاجة الى أبنائه». المفتي دريان دق جرس الإنذار. فهل من مجيب؟
رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط يشير في بداية الكلام لـ«المركزية» إلى القواعد التي أرسى عليها المفتي دريان موقفه ويقول «لا شك أن سماحة المفتي يحمل الهمّ اللبناني في حلِّه وترحاله، وفي لقاءاته المحلية والعربية. والأكيد أن سماحته استشفَّ من خلال لقاءاته المتعددة أن على اللبنانيين أن يقوموا بالخطوة الأولى، أي على المجلس النيابي أن يحسم خياره باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية ليتمكن الأشقاء العرب وخصوصا المملكة العربية السعودية ودول الخليج من مساعدتنا. عدا ذلك عبثٌ نتكلم عن أي مساعدة أو التفاتة من العرب».
ويلفت إلى «أن لا مناص من تحرك أشقائنا العرب لمساعدة لبنان، إلّا عندما يلمسون بالعين المجردة وباليد أن اللبنانيين وتحديدا المجلس النيابي حريص على نهوض الدولة ومؤسساتها وأيضا غالبية النواب والكتل المتصارعة والتي هي بعيدة عن لبنان ومصالحه».
كيف يترجم هذا الكلام؟ المسألة بسيطة إلا أنها تحتاج للإرادة والوطنية. «على المجلس النيابي أن ينتخب رئيساً للجمهورية لأن أشقائنا العرب لن يقوموا بهذه المهمة. ويضيف القاضي عريمط «آن الأوان أن يبلغ النواب المتصارعون سن الرشد ويبدأوا بالبناء وينتخبوا رئيساً للبنان وليس لهذا الطرف أو ذاك، رئيساً يكون لبنان لديه أولا وآخرا. آن الأوان أن ينتخب المجلس النيابي رئيسا للجمهورية. فإما أن يحسم هذا المجلس خياره لانتخاب رئيس وإلّا فليرحل غير مأسوف عليه. القرار في يد المجلس النيابي وإذا كان الأخير ينتظر تسوية ما للانتخاب ندعوه إلى عدم الوقوف والإنتظار لأن الأكيد أن ما من دولة شقيقة أو صديقة ستنتخب له رئيساً».
إلى الحين لم يحسم السعودي موقفه بالنسبة الى لبنان، خلافاً لكل التوقعات ولكل ما يتم التداول به، لأن المملكة لا تزال تنتظر من الفرقاء اللبنانيين أفعالاً، وليس مواقف.
وينقل متابعون أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وخلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة باريس حرص في التركيز على الأساسيات والثوابت والعناوين العريضة التي تعبّر عن الموقف السعودي بشأن لبنان، لجهة ضرورة تمسّك أطراف النزاع بإتفاق الطائف، ودعوتها إلى حيز أوسع من اللبننة، وتحييد لبنان عن التجاذبات الاقليمية، وإنتخاب رئيس للجمهورية، يتمتع بتأييد الغالبية من اللبنانيين، والمسيحيين تحديداً إستجابة لمطلب الفاتيكان، ولعدم شعور أي مكون داخلي بالتهميش والإقصاء من قبل أي طرف، وذلك مراعاة للتوازنات الخارجية الجديدة، بعد مصالحة المملكة مع كل من إيران وسوريا.
نبض قمة باريس لم يتغيّر على ما يبدو وهذا ما يفسره القاضي عريمط في قوله تعقيبا على تصريح المفتي دريان بعد عودته من زيارة الحج ويقول: «على أكثرية النواب أن يحسموا خيارهم وأن لا ينتظروا مؤتمراً خماسياً أو سداسياً أو رباعياً لينتخب لهم رئيسا». ويسأل «لماذا يريدون انعقاد مؤتمر دولي لإيجاد حلّ فيما الحل بأيديهم. الحل بسيط أن ينتخب المجلس النيابي رئيسا للجمهورية بعدها تبدأ الإستشارات الملزمة لانتخاب رئيس للحكومة، وتطبيق وثيقة الوفاق الوطني. وفي ضوء ذلك تُدرَس الثغرات، إن وُجِدَت، وتُصحّح وتستبدل بما هو لمصلحة لبنان وليس لمصلحة طائفة أو مذهب».
إذا الخروج من منطق المحاصصة والدخول في منطق الدولة والولاء للبنان أولاً وأخيراً هو المطلوب. والمطلوب أيضا أن يكون ولاء النواب للبنان لا لطوائفهم ولا لأحزابهم ولا لتحالفاتهم الإقليمية والدولية.
في الرسالة التي وجّهها البطريرك بشارة الراعي صباحا خلال إطلاق وثيقة «لقاء الهوية والسيادة» بعنوان «رؤية جديدة للبنان الغد، دولة مدنية لامركزية حيادية» تحذير وتنبيه «لبنان مريض والمسؤولون لا يريدون معالجته». كلام يستحق أن يتوقف عنده أكثرية النواب ويخرجوا من مصالحهم وطوائفهم.
أما لماذا دق المفتي دريان ناقوس الخطر؟ فالجواب بسيط «لأن الحل لن يأتي من الخارج، وعبثاً ينتظر المنتظرون حلولاً من الخارج. الخطوة الأولى تنطلق من هنا، من بيروت وعلى المجلس النيابي أن لا ينتظر دولة شقيقة أو صديقة لإنتخاب رئيس».
خلاصة الكلام، ماذا لو عبثا يتكلم العقلاء ولا تسمع «أكثرية النواب؟ يجيب القاضي عريمط: «فليتحمّلوا مسؤولية تاريخية أمام الله والناس. ويكفي أن التاريخ سيروي عنهم صفحات وصفحات في مجلدات سوداء أنهم دمروا البلد»!