غريو تتحرك مُجدّداً… ومُهمّة لودريان أمام فرصة للنجاح
كتب فادي عيد في جريدة “الديار”
لوحظ أن ما جرى في الأيام الماضية من تطورات أمنية وأحداث مؤسفة، لا سيّما حادثة بشري، عاد وحرّك الإستحقاق الرئاسي من زاوية أنه وفي ظل الشغور القائم حالياً، وإذا استمر على ما هو عليه، فذلك سيفاقم من حجم المشكلات الأمنية والإقتصادية والأزمات على الأصعدة كافة. وبمعنى آخر ثمة معلومات بأن أموراً جديدة استجدت على صعيد التحركات الخارجية، مفادها أن السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، التي عادت إلى بيروت بعدما التقت بالموفد الرئاسي جان إيف لودريان، بدأت تنسق وتتواصل على وجه الخصوص مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، باعتباره من أبرز الذين يمسكون بمقاليد الساطة في ظل الشغور الرئاسي، ووجود حكومة تصريف أعمال.
وعلى هذه الخلفية، تكشف المعلومات، أن الرئيس نبيه بري لن يقدم على أي خطوة قبل عودة لودريان إلى بيروت، في ظل ما يتردد عن تفاهمات حصلت أخيراً داخل «اللقاء الخماسي» حول قضية الترشيحات الرئاسية، لأنه كما هو معروف، وهذا لا يخفى على أحد، فإن بعض الدول المشاركة في «اللقاء الخماسي» تدعم وصول قائد الجيش العماد جوزف عون إلى سدة الرئاسة، وهذا لا يتماشى مع اتجاهات دول أخرى ومنها فرنسا، وإن كانت لا تضع أي «فيتو» على قائد الجيش .
وبناءً على هذه المعطيات الجديدة، فما استجد يتمثل بالاجواء التي رافقت وواكبت احداث بشري، وتركت انطباعات مقلقة ومخيفة لدى أطراف «اللقاء الخماسي»، وفق المعلومات نفسها، وذلك من زاوية أن مثل هذه الحادثة قد تؤدي إلى نزاعات أهلية، ومزيد من الشحن الطائفي والمذهبي، خصوصاً في ظل عدم وجود رئيس جمهورية.
ولهذا، فإن اتصالات جرت بين أركان «اللقاء الخماسي»، وتم الإتفاق على ضرورة الإسراع في عقد اجتماعٍ قريب، لأن الأوضاع في لبنان غير ممسوكة وتنذر بعواقب وخيمة أمنياً وسياسياً، وهذا ما تبدّى خلال أحداث بشري، إذ لولا تدارك الأمور، لكانت هذه الأحداث ذهبت إلى مكان يصعب ضبطه والسيطرة عليه. ويُنقل من خلال أجواء متوافرة بأن مساعٍ تبذل مع بري لتدوير الزوايا حول الإستحقاق الرئاسي، كونه قادرا على إعادة خلط الأوراق، ولكن في الوقت عينه من دون التخلي عن الخيار الداعم لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وبالتالي، تشير المعلومات إلى أن بري، وفي الوقت نفسه، قد يُقدم على إقناع الحلفاء والأصدقاء بالإقدام على أي خيار لا يواجه رفضاً من كل القوى مجتمعةً، وعلى أن يكون له الدور الفاعل في هذا السياق.
من هذا المنطلق، فإن أحداث بشري والشلل الحكومي وصعوبة استمرار حكومة تصريف الأعمال بالقيام بدورها، وعدم قدرتها على معالجة الملفات المتراكمة، هو بمثلبة حافزٍ إضافي لانتخاب رئيس خلال الشهرين المقبلين، وربما قبل ذلك إذا نجحت مهمة لودريان. في حين أن السفيرة الفرنسية، ومن خلال المعلومات، تتواصل مع كل القوى السياسية دون استثناء وهي ستمهّد الأسبوع القادم لزيارة الموفد الفرنسي بسلسلة تحركات، ممّا يعني أنه وبعد حالة ركود رئاسي وعطلة العيد والتباينات بين الدول المعنية بالشأن الداخلي، فالوضع عاد للتفاعل تجنباً للأسوأ، بفعل توقع أي تطورات مقبلة، وهذا هو الهدف الاساس للمهتمين بالإستحقاق الرئاسي.