مهمة جديدة للودريان… لبنان خارج دائرة الاهتمام؟
النهار العربي
أكد مصدر فرنسي مطلع لـ”النهار العربي” أن المبعوث الرئاسي الفرنسي الى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان (76 عاماً) سيتسلم وظيفة جيرار مسترالي رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العلا السعودية (74 عاماً) الذي انهى مدة رئاسته للعلا بعد خمس سنوات من تسلمها ولم يجدد له الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لولاية أخرى. وكشف المصدر أن قرار الرئيس ماكرون بالتنسيق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقضي بتسليم الوظيفة للودريان،مضيفاً أنه اذا كانت ثمة حاجة لمواصلة لودريان مهمته “اللبنانية” سيواصلها، مع وظيفته الجديدة.
يثبت هذا التطور الجديد أن مهمة لودريان كمبعوث رئاسي خاص الى لبنان لن تأخذ كل وقت الوزير السابق لانها مهمة شبه مستحيلة والأمل في نجاحها يبدو ضئيلاً للغاية حيث يُدرك الرئيس الفرنسي ذلك، علماً انه يراهن على أن تكون وظيفة لودريان على رأس وكالة العلا ناجعة باعتبار أنها تجعله قريباً من الجانب السعودي بلقاءات مع ولي العهد المهتم بشكل خاص باعمال تطوير العلا. وقد تكون هذه المهمة فرصة للودريان في أن يقنع الجانب السعودي بضرورة العمل على الملف اللبناني الى جانب ماكرون، إذ كلما التقى الرئيس الفرنسي بولي العهد السعودي يحدثه عن ضرورة الاهتمام بالملف اللبناني.
وكانت هناك التزامات سعودية بمساعدات للقطاع الصحي اللبناني وصل البعض منها الى عدد من المستشفيات اللبنانية ولكنها في انتظار ان تستكمل من ناحية الأرقام التي تعهدت بها المملكة لهذا القطاع. وعندما عيّن ماكرون، لودريان مبعوثه الخاص الى لبنان كان وزير الخارجية الفرنسي السابق يطمح لرئاسة معهد العالم العربي ليخلف رئيسه جاك لانغ الذي كان من المنتظر أن يغادر منصبه بسبب سنه المتقدم الذي بلغ 80 سنة. لكن يبدو أنه تم تأجيل انهاء خدمته ولو أن البعض يتوقع أن يعين ماكرون على راس المعهد امرأة، لكن لم يُعلن بعد أي اسم محتمل علماً ان السفير الفرنسي الى الجزائر فرنسوا غوييت الذي يحال الى التقاعد هذا الشهر من أبرز المرشحين للمنصب.
عندما قرر ماكرون تعيين لودريان مبعوثه الخاص الى لبنان أراد إعطاء إشارة قوية إلى أنه ما زال ملتزماً ومهتما بالملف اللبناني. وقد اختار لودريان ليكون في الخط الأول للقيام بمهمة البحث عن حل للأزمة في لبنان. ثم أن وزيرة خارجيته كاترين كولونا منهمكة بالقضايا الدبلوماسية الأخرى، لذا تم إعطاء لودريان هذه المهمة اللبنانية فضلاً عن ارضائه تعويضاً لعدم منحه إدارة معهد العالم العربي. فلودريان سياسي له اعتبار كبير في صفوف اليسار الاشتراكي الفرنسي وكان وزيراً للدفاع لخمس سنوات في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند ثم التحق بماكرون في ما اعتبر نوعاً من الخيانة للحزب الاشتراكي علماً أن الرئيس حريص على العلاقة معه.
وفي المقابل، يدرك ماكرون صعوبة الوضع في لبنان وهو ما زال يتابعه عن كثب مع مستشاريه ايمانويل بون وباتريك دوريل، ويعتبر أن مهمة لودريان ستكون بالغة الصعوبة إن لم تكن شبه مستحيلة، اذ ان ماكرون نفسه عمل بالملف عندما زار لبنان مرتين وفشل، فكيف بمبعوثه الخاص. وتشير الوقائع إلى أن لودريان يحتاج الى دعم وضغط سعوديين في لبنان وأيضا الى ضغط إيراني. والسؤال المطروح هل أن السعودية ستصبح جاهزة لوضع الملف اللبناني على طاولة حوارها مع ايران؟ حتى الآن لبنان غائب عن هذا الحوار لأن للسعودية أولويات مختلفة، ولكن هل ينجح لودريان باقناع السعوديين بهذه الضرورة ليظهر ذلك في المستقبل القريب؟