العدو يَترقَّب… ماذا بعد بيان «إبراء الذمة» للمقاومة؟
كتبت مريم نسر في جريدة “الديار”
بانتظار ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه يوم غد في الذكرى السابعة عشرة لحرب تموز التي انتهت بانتصار تاريخي للمقاومة، والتي سينطلق منها ليُذكِّر العدو الإسرائيلي بنتائج هذه الحرب والمعادلات التي أرستها والتي أوصلته الى واقعه الحالي بما يُعانيه من عجز عن تحقيق أي إنجاز على مختلف الجبهات، وتحديداً على جبهة لبنان التي يحاول أن يعوض عن ذلك بالكثير من الخروقات والاستفزازات والمناورات والتهديدات التي لا تتعدى صراخ مسؤوليه دون القدرة على التنفيذ.
لكن على ما يبدو بات العدو الصهيوني يحتاج أكثر لإنعاش هذه الذاكرة، ربما لتجربة جديدة مع حزب الله يحذره منها السيد نصرالله إذا لم يتراجع عمّا يقوم به من اعتداءات، خاصة بعد التطوّر الخطر الذي أقدَم عليه في الآونة الأخيرة باحتلال الجزء اللبناني من بلدة الغجر الحدودية وضمّه الى الجزء السوري المحتل بإنشاء سياج شائك وبناء جدار اسمنتي حول كامل البلدة، مُدعِّماً ذلك بحركات استفزازية، كتسيير رحلات سياحية إليها.
لا يُخفى على أحد أن الإسرائيلي بات يُقدِم على خطوات يمكن توصيفها أنها نوع من أنواع معالجة الوهم بالوهم، من ناحية، لإيهام نفسه أنه يحمي كيانه، ولإيهام مستوطنيه بقدرة الحكومة والمؤسسة العسكرية على السيطرة من ناحية أخرى، فاعتداؤه الأخير قام به لدافعين: الأول، الهاجس الأمني، بحيث أن ما وضعه من سياج حول القرية هو لإيجاد حاجز أمني لأنه يعيش حالة من القلق، وبخاصة أن هذا الجزء من البلدة لا يشمله الخط الأزرق بالنسبة إليهم، مع العلم أنه يفرض سلطته على كامل القرية لأسباب ديموغرافية واجتماعية منعت الدولة اللبنانية بعد التحرير من وضع حدود داخل الغجر لفصل الجزء اللبناني المحرَّر عن الجزء السوري المحتل، فأمام الهواجس الأمنية التي تشغل بال الجيش الصهيوني والتي برزت في الإجراءات التي يتّخذها بمزارع شبعا وكفرشوبا من عمليات جرف وتحصين أراد وضع سياج يمنع الاختراق الأمني لداخل البلدة، ما يعني أنه إجراء بداعي الخوف من المقاومة في لبنان. والثاني: فما جرى في جنين ينطبق على ما يجري في الغجر من دوافع استعراضية لحكومة نتنياهو التي تبحث عن أي إنجاز يُخفِّف من ضغط المعارضة التي تُهدِّد بأكبر تجمّع مُعارِض للائتلاف.
وبما أن الاحتلال يَعتبر أن الإجراء التقني يحمي أمنياً، إلا أنه يريد من خلال الوفود السياحية إيصال رسالة لسكان المستوطنات أن هناك سيادة إسرائيلية على القرية.
أما في ما يتعلّق بالضجيج الإسرائيلي حول عملية الربط بين الغجر والخيمتيْن اللتين نصبهما حزب الله داخل مزارع شبعا المحتلة، والمناورة التي يُنفّذها العدو في سهل الحولة والجولان المحتل والتي تتوسطهما الخيَم، يبدو أنه نسيَ أن المقارنة هنا لا تَصُح بهذه الحالة، لأن وضع الخيمتيْن هو تحرير أرض ووضع السياج هو احتلال أرض… عدا أنه يجب العودة الى الأساس، بحيث أن أمام عمليات القضم التي يمارسها العدو بشكل صامت مستفيداً من حالة التراخي الرسمي في لبنان وتغافل اليونيفل عن الاعتداءات، قام حزب الله بإجراءيْن: ميداني تَمثَّل بوضع الخيمتيْن، وإعلامي من خلال البيان الذي أصدره بعد ما فعله العدو في الغجر ودعا فيه الحزب الحكومة والمؤسسات والأجهزة والشعب اللبناني للتحرّك والتعامل مع هذا الإجراء الإسرائيلي كإحتلال.
فمِن هنا نرى أن من خلال هذا البيان أرادت المقاومة الإشارة الى الخطر في المرحلة الأولى لإبراء الذمة، والتحضير لمشروعية أي إجراء ميداني تتخذه في المرحلة الثانية تُحدِّده هي، وليس العدو الذي لا يريد أن يدخل بأي مواجهة مع حزب الله وكل ما يفعله هو بهدف الضغط عليه ليس أكثر.