دعوة قطر إلى الاجتماع الخُماسيّ بحكم المُؤجّلة
كتب ابراهيم ريحان في “أساس ميديا”
لم يُحسَم بعد اجتماع اللجنة الخماسيّة بشأن لبنان، الذي دعت إليه دولة قطر، مع ترجيح تأجيله وفقاً لرغبات الدّول الأعضاء بانتظار التّقرير النّهائيّ للمبعوث الفرنسيّ جان إيف لودريان بعد زيارته لبنان الأسبوع الماضي.
تُريده قطر يوم الخميس المُقبل، فيما تُحبّذ فرنسا تأجيله إفساحاً في المجال لمبعوثها الجديد ليُرتّبَ أوراقه ويُسلّم تقريره النّهائيّ.
أمّا السّعوديّة فتتعامَل مع موعد الجلسة مثلما تتعامل مع الملفّ الرّئاسيّ برمّته، إذ “لا مُشكلة في الاجتماع أو عدمه”، مع تفضيلها تأجيل الموعد لـ”أسباب تقنيّة”.
من جهتها، قالت مصادر خاصّة بـ”أساس” إنّ القطريّين يبحثون بشكلٍ جدّيّ المطلب الفرنسيّ، وباتوا على قناعةٍ بضرورة تأجيل موعد الاجتماع.
ماذا في كواليس الاجتماع الخُماسيّ؟
البداية في العاصمة القطريّة الدّوحة حيث لم يعُد خافياً الموقف القطريّ من الملفّ الرّئاسيّ في لبنان وتحبيذ الدّوحة لوصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا.
تعملُ المُحرّكات القطريّة على تسويق العماد عون مرشّحَ تسويةٍ، وتعمل أيضاً على محاولة طمأنة النّائب جبران باسيل إلى أنّه سيُقطع الطّريق أمام مُرشّح الثّنائي الشّيعي الوزير السّابق سليْمان فرنجيّة.
هنا يكمن سرّ الزيارة الخاطفة التي قام بها باسيل للدوحة قبل أسبوعيْن، وبحثَ فيها القطريّون مع باسيل “مخاوفه” من انتخاب العماد عون، وطرحوا إمكانيّة أن تقوم الدّوحة بوساطة بين الجانبَيْن لتبديد مخاوف باسيل التي تبدأ في بيروت ووزاراتها وإداراتها، ولا تنتهي عند ملفّ العقوبات الأميركيّة.
في هذه الأجواء، تسعى قطر إلى عقدِ اجتماعٍ للطّاولة الخُماسيّة، في مسعىً إلى طرح اسم قائد الجيش على أجندة المُجتمعين.
يقول عارفون بالسّياسة القطريّة إنّ الدّوحة تعمل في الوقتٍ “الضائع” مع شركائها في الطّاولة الخُماسيّة. فالمملكة العربيّة السّعوديّة وجمهوريّة مصر مُنشغلتان بأولويّة الملفّ السّودانيّ وتبعاته الأمنيّة على ضفّتَيْ البحر الأحمر. أمّا باريس فمُنشغلةٌ بالتّظاهرات التي اجتاحت شوارعها خلال الأسبوعَيْن الماضيَيْن، والأهمّ أنّ مبعوثها الجديد للملفّ اللبنانيّ وزير الخارجيّة السّابق جان إيف لودريان ما يزال مُنشغلاً بترتيب أوراقه اللبنانيّة.
من ناحية أخرى، ينوي لودريان زيارة العواصم المعنيّة قبل حضور أيّ طاولة بشأن لبنان. وفي هذا الإطار تشير معلومات “أساس” إلى أنّ موعداً لم يُسجّل للودريان حتّى السّاعة في المملكة العربيّة السّعوديّة وقطر ومصر.
هكذا كانت الرّياح في باريس تجري بما لا تشتهي سُفُن الدّوحة. طلبَ الفرنسيّون مزيداً من الوقت للودريان، الذي يُريده الإليزيه مُمثّلاً له على الطّاولة، وتُرجّح مصادر باريس أن يتأجّل الاجتماع، فالدّوحة وجّهت الدّعوات ولم يُحسَم بعد موعد الانعقاد.
تُراهن فرنسا على انحسار التّباين مع السّعوديّة بشأن لبنان بعد اجتماع الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان في الإليزيه منتصف شهر حزيران المُنصرم.
ترى مصادر أنّ تقارب ماكرون وبن سلمان والاتفاق على عدّة نقاطٍ تبدأ بدعم باريس لملفّ السّعوديّة لاستضافة إكسبو 2030، والمُساعدة الفرنسيّة في بناء برنامج نوويّ سعوديّ، قد ينعكسان إيجاباً على الموقف السّعوديّ من المُبادرة الفرنسيّة التي لا تُمانع وصول سليْمان فرنجيّة إلى قصر بعبدا.
يُصرّ المعنيّون في باريس على أنّ الموقف لم يتغيّر من الملفّ الرّئاسيّ، على الرّغم من التباينات بين الإليزيه ووزارة الخارجيّة والاستخبارات. فالأخيرة ابتعدت عن الملفّ اللبنانيّ بعدما كان رئيسها برنارد إيمييه يُتابع تفاصيل الملفّ اللبنانيّ، وكان له موقف من دعم وصول فرنجيّة للرّئاسة.
أمّا مُستشار الرّئيس الفرنسيّ لشؤون الشّرق الأدنى وشمال إفريقيا باتريك دوريل، فما يزال مُطّلعاً على الملفّ بحكم عمله، لكنّ صلاحيّته في الملفّ اللبنانيّ تضاءلت مع تولّي الدّبلوماسيّ المُخضرم لودريان زمام المُبادرة الفرنسيّة.