موقف حزب الله من حاكميّة “المركزي” لا ينسحب على “المجلس العسكري”: رئيس للجمهوريّة أو للأركان
كتب محمد علوش في جريدة “الديار”
لم يكن الهدف تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة، فالرسائل الأميركية للبنانيين كانت واضحة، بأن الإدارة الأميركية لا تخشى الفراغ في الحاكمية، بسبب وجود من يتسلم الصلاحيات بحسب قانون النقد والتسليف، كذلك المواقف الحكومية من التعيين كانت أيضاً واضحة، لجهة رفض حزب الله قيام حكومة تصريف الأعمال بتعيين حاكم جديد، وتمسكه بموقفه انطلاقاً من وضوح القانون بهذا الخصوص، لكن الهدف من كل هذه البلبلة، تهيأة الطريق أمام الحاكم الأول وسيم منصوري ليتسلم المركز.
هذا الأساس بما يتعلق بملف حاكمية مصرف لبنان، والباقي سيكون بمثابة تفاصيل تتعلق بدعم نواب الحاكم، الذين تمكنوا مؤخراً من الحصول على ضمانات بخصوص دعمهم من قبل حكومة تصريف الاعمال والمجلس النيابي، أما بخصوص قيادة الجيش بالمقاربة مختلفة.
لم تحصل مشاورات مع حزب الله لثنيه عن موقفه تجاه قدرة الحكومة على تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي، لكن بحسب مصادر مطّلعة فقد حصلت بعض النقاشات معه بخصوص تعيينات المجلس العسكري، مشيرة الى أن موقف الحزب من الشغور بحاكمية المصرف يختلف عن موقفه من الشغور بقيادة الجيش، والسبب الواضح يتعلق بالبديل القانوني.
يترك حزب الله المجال مفتوحاً لإتمام التعيينات بالمجلس العسكري، في حال اقترب موعد خروج قائد الجيش من سدة القيادة، ولم يكن ملف رئاسة الجمهورية قد بتّ بعد، فالاولوية للحزب بحسب المصادر هي انتخاب رئيس للجمهورية، ومن بعدها تشكيل حكومة تقوم بتعيين من يجب تعيينه، لكن بحال طال الفراغ فإن المقاربة لرحيل العماد عون تختلف عن مقاربة رحيل سلامة، فالثاني يوجد من يحل مكانه بحسب القانون، بينما الأول لا، وهنا أصل موقف الحزب.
بحسب قانون الدفاع يتولى رئيس الأركان في الجيش اللبناني قيادة الجيش بعد إحالة القائد إلى التقاعد، فهو المنوط بالقانون الإنابة عن القائد خلال غيابه، لكن في المجلس العسكري الحالي يغيب رئيس الأركان بعد إحالة اللواء أمين العرم الى التقاعد نهاية العام الماضي، وهو ما يجعل القيادة في مهبّ الريح، رغم الدعوات بتسلم الضابط الأعلى رتبة لهذا الموقع، وهو ما لا يلقى قبولاً لدى مرجعيات سياسية، وداخل مؤسسة الجيش اللبناني.
انطلاقاً من هنا، يأتي موقف الحزب الذي قد يكون موافقاً على تعيين رئيس للأركان، لعدم وقوع قيادة الجيش في فراغ صعب، خاصة أن الحزب يُدرك دور الجيش في كل ما يجري اليوم، وما يُفترض أن يحصل في المستقبل القريب في البرّ اللبناني وبحره، حيث يُفترض بدء عمليات الحفر للتنقيب عن الغاز نهاية الصيف الجاري، وهو الذي يؤكد على المعادلة الثلاثية الذهبية التي يأتي الجيش في صلبها، لذلك قد لا ينسحب موقف الحزب من صلاحية حكومة تصريف الاعمال بتعيين حاكم للمركزي، على صلاحياتها لتعيين رئيس للأركان في المجلس العسكري، وربما ملىء كل الشغور داخل المجلس.
إن هذا الاستحقاق لا يزال مؤجلاً بعض الشيء، ولو أن الحزب “التقدمي الإشتراكي” قد أطلق العمل عليه، خاصة أن رئاسة الأركان للطائفة الدرزية.