راديو الرقيب
اقلاممقالات مختارة

المقاومة حسمت خياراتها والعدو تنازله حتمي!

كتبت مريم نسر في جريدة “الديار”

أرض الغجر لن تُترَك للإسرائيلي… هذا ما حسمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، كلام يبدو جديداً نسبة للتطوّر الحالي، إلا أن العدو الإسرائيلي يعرفه جيداً قبل أن يُقال بحُكم تجربته مع المقاومة التي تُحيي في هذه الأيام ذكرى انتصارها عليه…

لكن الفرق أن بعد 17 عاماً على انتصار تموز، لم تعد المقاومة تحتاج الى حرب عسكرية لتحقيق انتصارها إنما باتت الحرب النفسية وحدها قادرة على تحقيق ذلك، وهذا ما اعترف به الإسرائيلي من خلال تعليقه الأول على الخطاب قبل أن ينتهي، أن السيد نصرالله «يشن حرباً نفسية الآن»، وعندما يضع العدو كلام الأمين العام لحزب الله في سياق الحرب النفسية لا يتعامل معه كمناورة إنما كمقدمة للتصعيد، وهذا ما يُقلقه، وبالتالي سيوجب عليه البحث عن مَخارج دبلوماسية، يُقدِّم فيها تنازلات كما اعتاد مؤخراً، باعتبار أن خيار الحرب العسكرية ليس بالحسبان بالنسبة إليه.

اللافت أن خوف العدو دفعه الى الذهاب بتحليله للنهاية، بينما السيد نصرالله ما زال بمرحلة إبراء الذمة مع ثبات موقف المقاومة، فقرارها هو تحرير هذا الجزء من قرية الغجر، ولكنها لا تبادر إلا بحالتين: الأولى: عندما يحاول العدو كسر المعادلات الأمنية وإيقاع خسائر بشرية في صفوف اللبنانيين، هنا لا تنتظر المقاومة إذناً من أحد باعتبار «الحماية» من صلب مسؤوليتها.

الثانية: حين تحسم الجهات الرسمية عجزها عن معالجة الخروقات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية.

وبما أن ميزة الغجر أنه ليس هناك أي شك في لبنانيتها، ما يعني أن شرعية التدخل للمقاومة جاهزة بشرط أن تكون الدولة أنجزت ما عليها كمسؤولية أولية.

أما ما يمكن أن تفعله المقاومة ميدانياً كإجبار الإسرائيلي على الانسحاب أو إزالة الجدار، فهذا خاضع لتكتيكاتها التي تمارسها كل يوم «كما يُصرِّح بذلك الإعلام العسكري الإسرائيلي» دون أن تكشف عن أساليبها وأدواتها كما اعتدناها، هذا واقعياً أما افتراضياً فيمكننا أن نتصوّر إقدام المقاومة على التعامل مع الجدار كتعاملها مع تحصينات المواقع الإسرائيلية قبل التحرير عام 2000.

وفي ما يتعلّق بالكلام الذي قيل عن مقايضة بين الخيَم والغجر، والتي كانت الدبلوماسية اللبنانية قاصرة عن استخدام لغة المواجهة المطلوبة بهكذا قضية، فقد حسمها السيد نصرالله بشرحه للمشهد على الحدود الجنوبية بالزمان والمكان بشكل مُفصَّل، أن الخيمة يُقابلها الخروقات الإسرائيلية والنقاط المتنازَع عليها في الخط الأزرق ابتداءً من B1. ما يعني أنه وضعها في خانة الإضاءة على الخروقات البحرية والبرية والجوية وبالتالي فتح مساراً جديداً للضغط على الجانب الصهيوني للكف عن وقاحته، وهذا ما يؤكد أن وضع الخيَم «خطوة رمزية»، باعتبار أنه ليس من عادة المقاومة أن تُنشِىء مواقع مكشوفة، وإقدامها هذه المرة على الحضور العلني يؤكّد فكرة الإضاءة على سلسلة الوقاحات الإسرائيلية التي لا يُمكن فضحها بإجراء سرّي، وهذا ما أشار إليه السيد نصرالله بقوله إن قيمة الخيمة تكمن بخدمتها للهدف.

من هنا نرى أن حسم التوجهات واضح لدى حزب الله لكن الموضوع زمني، فالمهلة التي تتركها المقاومة قبل إتخاذ أي إجراء تأتي في سياق إلقاء الحُجة على كل الأطراف، لكسب أعلى مستوى من المشروعية عند اتخاذ قرار ميداني.

إذاً، نحن أمام حالة انتظار مع حسم الخيارات، ما يعني أن الترقّب لن يَطول، وعلى العدو ومَن معه وخلفه أن يَعي ذلك جيداً، كيلا يتحوّل المشهد الى مشهد صِدامي دامي لا يتحمّل الكيان الصهيوني نتائجه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock