هل يجهض اتفاق البياضة ــ حارة حريك مساعي الدوحة؟
كتب ميشال نصر في جريدة “الديار”
ما عاد خبر استقالة نواب حاكم مصرف لبنان من عدمها او توقيتها، هو الحدث، بعدما تكشف جبل جليد التسوية التي طبخت وتجرعها الجميع، بل بات المستور في الامر حدود تصريف الاعمال الذي سيمارسه الحاكم المؤقت بتفويض حكومي، في ظل ما يروج له من انهيار مالي، بدايته وقف منصة صيرفة التي تبلغ اكثر من عميل مصرفي بانها باتت في لياليها الاخيرة.
غير ان الاهم من تسوية «الحاكمية» نفسها، على ما سيكون لها من تداعيات، هو ثغرة الحوار التي نجح حزب الله في فتحها في جدار الازمة مع التيار الوطني، على خلفية رفضه السير بتعيين حاكم جديد، في توقيت جاء مناسبا للطرفين، عشية اجتماع خماسي باريس، وعودة لودريان الى بيروت، في خطوة كان الكثيرون اعتقدوا انها قد اجلت الى اجل غير مسمى، ما حرك مياه بيروت الرئيسية الراكدة، خوفا من شيء ما يطبخ في الخارج.
ووفقا لاوساط سياسية فان الحرارة المستجدة على خطوط الاتصال بين الرابية وحارة حريك، جاءت نتيجة التقاء مصالح الطرفين من جديد، وتقاطعها، نتيجة هامش المناورة الذي ضاق الى حده الادنى لدى الاصفر والبرتقالي بعد الهزة التي لحقت بتفاهمهما، وخوفا من تبدل شروط اللعبة لغير مصالح مراكبهما وما تشتهيه سفنهما الاقليمية، وقد تكون نصيحة الرئيس السوري بشار الاسد للرئيس السابق ميشال عون خلال زيارته لدمشق قد أدت دورا اساسيا، خصوصا في ظل الغمز عن همس سوري للضاحية «لتطرية الاجواء».
وتتابع المصادر،اكيد في المقابل ان ميرنا الشالوحي قد قدمت تنازلات بدورها، اولا، في ان الاعلان عن عودة التواصل جاء من قبلها، ثانيا، قبولها بالفريق المفاوض بعد ان كان لها بعض الاعتراضات، ثالثا، والاهم قبولها بدء الحوار الثنائي حتى دون سحب المرشح سليمان فرنجية، والتي كانت العقدة الاساسية سابقا. من هنا يبدو واضحا ان اعادة التموضع الجديدة لصهر الرابية، بعد جولته الخارجية الاخيرة، قد اعادت خلط الاوراق من جديد، على ما تشير اليه المصادر، خصوصا على صعيد المعارضة، وهو ما قد المح اليه رئيس حزب القوات اللبنانية، وبالتالي ما قد يعني في حال وصول الاتصالات الى خواتيمها السعيدة، عدم الحاجة الى طاولة حوار رئاسية، وبالتالي اختصار الطريق امام لودريان، الذي كان اصر اكثر من مرة على سؤال باسيل خلال زيارته له عن مدى استعداده للسير في خيارات حزب الله دون ان يحصل على اجابة واضحة.
وختمت المصادر بان اهمية ما يحصل ياتي في توقيته، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام التي ستبقى الاجابات عنها غير واضحة الى حين، هل تقاطعت مصالح الاصفر والبرتقالي على اسقاط مرشح التوافق الدولي الذي يعمل عليه؟ وهل ان ما يحصل هو فعلا تكتيك من حزب الله لضرب المعارضة وتشتيتها؟ وعليه هل يتحمل التيار الوطني الحر نتيجة قسم المعارضة في انتخابات 2026 النيابية التي تقف خلف الباب؟وهل في ذلك تسهيل لمهمة لودريان ام استباق لها وعرقلة؟
من المبكر الحسم والجزم في مسار ومصير المشاورات الجارية بين الحليفين اللدودين،من الجلسات الاولى، التي يحكى ان وتيرتها ستكثف خلال الايام المقبلة، وسط تاكيدات بان الدخول في التفاصيل ما زال باكرا وان الامور لا تزال في بداياتها، وفقا لما تبلغه البطريرك الماروني، الذي حصل على «تعهد» من باسيل بعدم ضرب وحدة الصف المسيحي.
وعليه سيكون اللبنانيون خلال الايام المقبلة امام امتحان جديد، فاما ما يحصل لا يعدو كونه مناورة لكسب الوقت يجيد الفريقان لعبها جيدا، خصوصا ان ثمة من داخل التيار وخارجه، من ما زال يهمس بان جبران باسيل يخفي ورقة ترشحه الرئاسية الذهبية للحظة الاخيرة، طالما ان الوقت يلعب لمصلحته، واما نكون امام حركة جدية تعيد استنساخ تجربة 2017، مع عزل فريق مسيحي هذه المرة.