راديو الرقيب
اقلاممقالات مختارة

«جرّافة كفرشوبا» وسيناريو «الضربة الافتتاحية القاتلة»

كتب حمزة الخنسا في جريدة “الأخبار”

في الجلسة الثانية التي عقدتها أمس لجنة الإدارة والعدل النيابية مع نواب حاكم مصرف لبنان (وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين، وإلكسندر موراديان)، قدّم هؤلاء الأربعة جدول أعمال للتعامل مع الأزمة والتغطية اللازمة من السلطة التشريعية، يتضمّن مهلاً زمنية وخطوات محدّدة، مثل إقرار موازنة 2024 وكابيتال كونترول، وقوانين إعادة هيكلة القطاع المصرفي وحماية المودعين، وإصلاحات مالية أخرى. حتى إنه يتضمن تفاصيل محدّدة عن إيرادات الموازنة، وتحرير سعر الصرف بشكل «مُدار»… لكنه جدولٌ يعاكس كل ما قامت به قوى السلطة لجهة المماطلة في إقرار القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي، وهي أيضاً ترفض إلغاء صيرفة، وتمتنع عن تحديد وجهة الإنفاق من الاحتياط بالعملة الأجنبية. هذه الممانعة، لمسها نواب الحاكم أمس؛ بعض النواب طلبوا الاستمرار في «صيرفة»، وآخرون حذّروا من المسّ بالاحتياطات، ومنهم من شدّد تتوالى التطورات في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في اتجاه يكرّس كسر الـ«ستاتيكو» الحدودي. فقد ‏شقّت جرّافة لبنانية تابعة لبلدية كفرشوبا، أمس، طريقاً ترابياً بمحاذاة «خط الانسحاب» في تلال كفرشوبا، عند الجدار الإسمنتي الذي بنته قوات الاحتلال في الأراضي المحتلة قبل يومين. ويربط الطريق الترابي المستحدث منطقتي بعثائيل وعزرائيل، ويصل إلى تقاطع موقع السماقة وبوابة حسن عبر طريق معبّد شقّته قوات الاحتلال قبل التحرير. وللمرة الأولى منذ عام 1978، تاريخ احتلال المنطقة، عبرت سيارات لبنانية الطريق الذي استحدثته «جرافة كفرشوبا»، فيما اكتفت القوات الإسرائيلية بالمراقبة والاستنفار عن بعد.

وقال رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري لـ«الأخبار» إنه «بعد سلسلة طويلة من استفزازات قوات الاحتلال في المنطقة منذ حزيران الماضي، من تجريف وتغيير لمعالم الأرض وتركيب أسلاك شائكة، قرّرت البلدية استحداث الطريق لربط بعثائيل بعزرائيل ومزارع شبعا، في الأراضي اللبنانية المحررة، وهي أقصر مسافة بين المنطقتين». وأشار إلى «أننا نستفيد من تآكل الردع الإسرائيلي وانشغال إسرائيل بأوضاعها الداخلية ومواجهتها مع المقاومة الفلسطينية وعدم قدرتها على فتح جبهة مع لبنان، من أجل تحصيل حقوقنا، خصوصاً أن البعض يحاول ربط ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بالجولان المحتل، فيما هي أراضٍ لبنانية محتلة ويشملها القرار 425، ولا مصلحة لنا بربطها بالجولان وتأجيل البحث فيها».

خطوة بلدية كفرشوبا بفتح طريق بمحاذاة «خط الانسحاب» لم تأت رداً على بناء إسرائيل جداراً في المنطقة في جنح الظلام فحسب، بل هي حلقة من مسلسل مُتوَقَّع، طويل وممتد، من الخطوات المتراكمة التي تهدف، على ما يبدو، إلى خلق واقع جديد في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، تُلغى فيه «الاعتبارات» التقليدية التي حكمت الواقع الميداني هناك، خصوصاً لناحية حقيقة الموقف من «الحدود الوهمية» التي كانت قائمة، بصرف النظر عما إذا كانت «خطاً أزرق» أم «خط انسحاب»، وبشكل أخصّ في مناطق يعتبرها الجيش والشعب والمقاومة أراضيَ لبنانية محتلة.

وقد تكون خطوة استحداث الطريق في كفرشوبا رمزية قياساً بالتحديات المفروضة على كلا الطرفين، اللبناني والإسرائيلي، انطلاقاً من حجم المتغيّرات الآخذة في التبلور على الحدود مع فلسطين المحتلة، وتحديداً في المسرح الممتد بين الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وهذا ما تنبئ به بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي توقّفت ملياً عند خيمة مزارع بسطرة، وعند المقطع المصوّر الذي بثّه الإعلام الحربي التابع للمقاومة ويحاكي اقتحام موقع عسكري إسرائيلي وتدميره، وكذلك عند المقطع المصوّر الذي نشره مراسل قناة «المنار» في جنوب لبنان الزميل علي شعيب، ومدّته 27 ثانية، ويظهر فيه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، برفقة قائد المنطقة الشمالية وقائد فرقة الجليل وقائد اللواء الشرقي، عند موقع العبّاد المتاخم لبلدة حولا الجنوبية.

«كان من الممكن أن تكون هذه ضربة افتتاحية قاتلة للغاية»، قال نوعم أمير، مراسل القناة 14 تعليقاً على المقطع الذي ظهر فيه قادة جيش العدو مكشوفين على نحو «لو كان يقابلهم قنّاص من حزب الله، لكان من الممكن أن ينتهي الأمر بكارثة»، على حدّ وصف أحد التعليقات العبرية. وهذا سيناريو مثالي لحادث غير اعتيادي قد يقلب المشهد برمّته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock