راديو الرقيب
اقلاممقالات مختارة

حاكمية مصرف لبنان بين النص القانوني والسياسة

كتب حكمت مصلح في جريدة “الأخبار”

أهم مبدأ في إدارة المرفق العام هو انتظام واستمرار هذا المرفق في تأدية مهامه. لذلك، في مرحلة إنشاء المرافق العامة، يوضع نظام داخلي وتحتم النصوص ضرورة استمرار المرفق العام. من هنا نسأل:

ما هو انتظام المرفق العام؟ هل من نصوص في النظام الداخلي لمصرف لبنان (قانون النقد والتسليف) تؤمن استمرار المرفق العام؟ ما هي النتائج القانونية لعدم الأخذ بنصوص قانون النقد والتسليف لجهة تولّي النائب الأول لمهام الحاكم؟
يعني انتظام المرفق العام استمراره في تأدية المهام والخدمات، التي أنشئ من أجلها، وبالتالي استمرار الدولة بإداراتها ومؤسساتها العامة في خدمة المواطنين.
وليس مصرف لبنان المركزي إلا إحدى المؤسسات العامة التي تعمل بإشراف رئاسة الحكومة. ومهمته تسيير كل قواعد النقد والتسليف، ومراقبة عمل المصارف، وربط لبنان بالنظام النقدي العالمي.

ولمّا كانت ولاية حاكم مصرف لبنان المركزي ستنتهي بنهاية هذا الشهر، ولمّا كان بعض أهل السياسة على تعنّتهم في عدم جواز تعيين حكومة تصريف الأعمال لأي موظف من الفئة الأولى، ينتج عن هذا الموقف فراغ على صعيد منصب حاكم المصرف المركزي. علماً أنّ لنا رأياً دستورياً بصلاحية حكومة تصريف الأعمال لفعل أي شيء، باستثناء قسم رئيس الجمهورية على الدستور. لذلك نقول:

إن حاكمية مصرف لبنان لا يصيبها الشلل، أو يتعذّر عليها القيام بمهامها، طالما أن نصوص قانون النقد والتسليف واضحة، تؤمّن استمرار أعلى مرفق مالي في الدولة. من هنا، تنص المادة 25 من قانون النقد والتسليف على أنه «بحال شغور منصب الحاكم، يتولى نائب الحاكم الأول مهام الحاكم، ريثما يعيّن حاكم جديد». من النص السابق، يتأكّد لنا، وبشكل مطلق، أنه عند انتهاء ولاية الحاكم يتولى نائبه الأول مهامه. والنص حُصر في من يخلف الحاكم، ومن يتولى مهامه بشكل صريح لا لبس فيه، فنائب الحاكم الأول يحلّ تلقائياً محله لا أي هيئة أخرى. ونحسم في هذا الأمر لوضوح النصوص وصراحتها.

ومن باب التعالي على الأزمات، نؤكد أنه لا يجوز التعطيل على التعطيل، فرغم صراحة نص المادة 62 من الدستور (في حال خلوّ سدة الرئاسة لأي علة كانت تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء)، ووضوح النص الذي لم يحدّد طبيعة الحكومة، نجد من يناقش بوضوح النص، ويقول بتعذّر حكومة تصريف الأعمال أن تحكم. وهنا المقاربة الكبرى بين نص المادة 25 (قانون النقد والتسليف) والمادة 62 من الدستور، ونسأل: هل علينا في كلّ شغور أن نعطل البلاد؟ أين المسؤولية الوطنية؟ وأين رعاية شؤون الناس؟
من هنا نشدّد على ما يلي:
– لا فراغ على مستوى حاكمية مصرف لبنان في حال انتهاء ولاية الحاكم، والعلاج إعمال النصوص القانونية بدل إهمالها.
– لا يحق لأي هيئة (نواب الحاكم) تولي مهام الحاكم وذلك لانتفاء النص.
– في حال تولّي نواب الحاكم مجتمعين مهام الحاكم ستكون قراراتهم عرضة للإبطال أمام مجلس شورى الدولة لعدم مشروعيتها ويجوز إبطالها لعلة عدم الاختصاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock