راديو الرقيب
اقلاممقالات مختارة

باسيل يملأ آب بالمفاوضات: فرنجيّة والحزب والمعارضة

كتبت جوزفين ديب في “أساس ميديا”

اليوم الرابع من آب تنطوي سنوات ثلاث على جريمة انفجار مرفأ بيروت وكأن يحدث ابن يومه، لما حفره في قلوب أمها وأخوات والنساء والرجال والاطفال على حد سواء من تحسرات وآهات وآلام، بدت لتاريخه، وكأنها عصية على النسيان، وسط دعوات لا تهدأ ليأخذ القضاء مجراه في كشف الحقيقة، وملاحقة الجناة..
وإذ يحيي اللبنانيون على اختلاف مشاربهم الذكرى الأليمة التي تزامنت مع يوم عطلة رسمية وحداد على الضحايا الأموات والأحياء، بأن الأنظار تتجه إلى استيقاظ العدالة حتى لا تبقى الجرائم فالتة من العقاب.
وفيما يدخل الملف السياسي في عالم التكهنات البعيدة عن المعطيات والمعلومات، مع تسجيل عودة إلى التجاذب الأميركي – الإيراني حول ملفات المنطقة، ومنها بالطبع العراق وسوريا ولبنان، وحتى اليمن، ذات التأثير المترابط، يتقدم الوضع الأمني على ما عداه لجهة القلق من تداعيات الوضع الخطير في عين الحلوة، الذي ما إن ينجح إلى الهدوء حتى يعود إلى الإنفجار.
وفي السياق تخوفت مصادر متابعة من سعي إلى تفجير الوضع الامني في لبنان تزامناً مع مسارات التسويات في المنطقة، رابطة بين التفجير الذي وصل في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، وبين تحريك المجموعات الإرهابية في مخيم عين الحلوة .
ووفقاً لجهات أمنية فإن ثمة تحذيرات من تحركات لبعض الخلايا والمجموعات داخل مخيمات النزوح، ملمحة إلى وجود ذخائر وأسلحة ثقيلة في بعض المخيمات السورية على غرار الأسلحة التي تملكها المجموعات التكفيرية داخل مخيم عين الحلوة، كاشفة عن أن الأيام القادمة ستكون صعبة أمنياً ربطاً بكل المعطيات الخطيرة التي باتت بحوزة الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان.
ووسط هذه الغيوم الأمنية المجتمعة فوق لبنان من 4 آب إلى حريق عين الحلوة، إجتمعت حكومة تصريف الاعمال، في جلسة مخصصة للموازنة، لكنها ذهبت باتجاه الموافقة على رفع رسوم الهاتف والانترنت ما يوازي 7 أضعاف وأدخلت أساتذة متفرغين إلى الملاك أكثر من 900 أستاذ وتخصيص 150 مليار ليرة لصندوق التعاضد في الجامعة اللبنانية.
ووصفت مصادر سياسية الاداء السلطوي على المستويين النيابي والحكومي بالأسوأ ، وبأنه لايتناسب مع الحد الادنى في ادارة الازمة والتخفيف من حدتها عن المواطنين وقالت: لماذا التقاذف بالاتهامات والتهرب من المسؤولية في اقرار التشريعات واتخاذ الإجراءات والتدابير المطلوبة للمعالجات المالية والاقتصادية، التي من شأنها تسيير امور الدولة والمواطنين باقل قدر من الخسائر والتداعيات السلبية.
واشارت المصادر إلى ان تظهير الخلافات على النحو الجاري بين مجلس النواب والحكومة، يدل على مدى التردي في تولي المسؤولية،وعدم الاكتراث بمصلحة المواطنين، بينما تقتضي صعوبة الاوضاع التي يمر بها لبنان، قيام تعاون الحد الادنى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية،لتوفير مستلزمات الحاجات الضرورية للمواطنين وتقطيع المرحلة الصعبة، بأقل قدر من الضرر والخسائر عنهم.
وتساءلت المصادر عن خلفيات وعود رئيس الحكومة بتلبية شروط نواب الحاكم لضمان سداد المبالغ التي ستسدينها الحكومة من الاحتياطي النقدي الاجنبي وعودته عنها لاحقا، مع علمه المسبق بعدم القدرة على سدادها، وعن تمنع بعض القوى المشاركة بالحكومة الموافقة عليها وقالت : ان هذه التصرفات المتقلبة، تدل بوضوح على هشاشة الأداء الحكومي وفشله في إدارة الازمة وتولي السلطة، والتخبط في إتخاذ القرارات والعودة عنها،كما حصل بتاليف لجنة لدراسه الخلاف الحاصل حول موضوع القرنة السوداء والعودة عنه لاحقا ، وغيره من القرارات السابقة ،بينما هذا الواقع لايعفي رئيس المجلس النيابي الذي يحاول تحميل رئيس الحكومة مسؤولية التخبط الحاصل لوحده ،من تحمل المسؤولية الملقاة عليه وعلى المجلس النيابي، بالتلكؤ المتعمد في اقرار مجموعة القوانين التي يطالب بها نواب الحاكم ، لتصحيح الوضع المالي والموجودةبالمجلس منذ قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟
وابدت المصادر استياءها الشديد من موافقة الحكومة على زيادة رسوم وتكلفة الهاتف والانترنت بنسبة سبعة اضعاف، مايرتب اعباء اضافية ترهق كاهل المواطن، الذي لم يزداد دخله سبعة اضعاف،وقبلها زيادة الكهرباء الباهظة وغيرها من الرسوم والضرائب المقنعة،التي باتت تفوق قدرة اي مواطن محدود الدخل على تحملها مع الزيادة المضطردة بتكلفة اعباء المعيشة عامة،جراء الادارة العشوائية والفاشلة للحكومة والطبقة السلطوية على كل المستويات.
كما تقرر تخصيص جلسة في 17 الجاري للبحث في ما وصف بـ تحديات العام الدراسي المقبل في ما يخص المدارس الرسمية والهيئات الرسمية في المدارس الخاصة والجامعة اللبنانية.
وتقرر ان تكون الجلسة المقبلة لإنجاز مشروع قانون الموازنة يوم الإثنين المقبل عند الثالثة من بعد الظهر.وذكرت مصادر وزارية لـ «اللواء»:ان الصورة النهائية للموازنة لم تتضح بعد وهناك نقاشات مستمرة بين الوزراء.
ووضع ميقاتي في بداية جلسة مجلس الوزراء، المجلس في اجواء زيارته بالامس للديمان مع وفد وزاري واجتماعه مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وطلب من وزير المالية اجراء الاتصالات اللازمة من اجل اتخاذ كل الاجراءات التي تسهّل عمل حاكمية مصرف لبنان، وايجاد الصيغة المناسبة لاقرار ما يجب اقراره في اسرع وقت وان يوافي مجلس الوزراء بالنتيجة تباعا.
وقبل الجلسة، قال وزير المال: لا مشروع قانون للاقتراض في الجلسة، وأعتقد أن الموازنة تحتاج الى جلسة إضافية ونعمل جميعنا على إيجاد حل للرواتب والحاجات الأخرى نهاية الشهر.
اضاف: 6 تكليف وزير الاقتصاد باجراء كل ما يلزم لشراء كمية القمح من الخارج أو وفقا لأي ألية أخرى. ويفوض الوزير بالاتفاق عليها مع البنك المذكور.
وتابع: تسلم الرئيس خلال الجلسة من وزير المالية تقارير شركة «أوليفر وايمان»وشركة» KPMG «المعينين من قبل الحكومة اللبنانية للقيام بالتدقيق المالي والمحاسبي لحسابات مصرف لبنان. وطلب الرئيس من الأمانة العامة لمجلس الوزراء توزيع نسخ عن التقارير على الوزراء. واستكمل مجلس الوزراء دراسة مشروع قانون الموازنة.
أضاف: أخذ المجلس علما بمشروع عقد مزايدة الخدمات والمنتوجات البريدية على أن يصار الى استكمال الإجراءات المفروضة قانونا لاسيما عرض المشروع على ديوان المحاسبة.
اضاف: وأقر المجلس مشروع مرسوم يرمي الى ترفيع بعض أفراد الهيئة التعليمية من خارج جدول الاعمال وادخال بعض المتعاقدين المتفرغين الى الملاك كما وافق مجلس الوزراء على عرض وزير الاتصالات وتعديل تعرفة رسوم بعض الخدمات الهاتفية. وفقاً لقرض متفق عليه مع البنك الدولي.
وسئل وزير الاعلام عن صحة ما قيل بأن رئيس الحكومة كلف وزير المالية بوضع مشروع قانون جديد للاقتراض من مصرف لبنان؟ فاجاب: ابدا، حصل ما ادلينا به ولا شيء مما تفضلتم به.
واكد ان تعرفة الاتصالات سترتفع، ولقد أقر هذا البند وستطلعون على تفاصيله.
سئل: من اعترض من الوزراء عليه؟
قال:« حصلت اعتراضات وهذا امر طبيعي ولكن لم يحصل اعتراض رسمي.
يوم غادر الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لبنان، قرّر رئيس التيار الوطني الحرّ أن يسجّل في كلمة ألقاها في عشاء تيّاره في المتن، أهدافه في أكثر من مرمى. في داخل تيّاره توجّه لمعارضيه: “يلي مش معاجبه التيار يفلّ”، وفي خارج تيّاره أعاد الحرارة إلى حواره مع الحزب مقدّماً له عرض “المقايضة” لانتخاب سليمان فرنجية.

غير أنّ لطرح باسيل هذا أكثر من معطى مرتبط بتوقيت استدارته وجدّيّتها.

فهل يملك فعلاً باسيل مفتاح الرئاسة؟ أم هي مناورة سياسية جديدة لتحصيل ما يستطيع من مكاسب تحفظ له وجوده السياسي في السنوات المقبلة؟

في الكواليس كلامٌ عن وصول المفاوضات بين الحليفين المتخاصمين إلى اتفاق على توزيع المكاسب في العهد المقبل. إلا أنّ المعلومات ما تزال تتحدّث عن جدّية المفاوضات من دون وصولها بعد إلى خاتمة واضحة. فالحزب ما يزال ينتظر من باسيل “ورقة مكتوبة” ينصّ فيها كلّ مطالبه، مدركاً أنّها مطالب يصعب تحقيقها بشكل فوري كما يطلب باسيل، ومدركاً أيضاً أنّ مطالب باسيل الحقيقية لن تقتصر على العناوين التي أطلقها، بل تتعدّاها إلى مواقع مارونية أولى في الدولة كحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش ومجلس القضاء الأعلى.

إلا أنّ أيّاً من ذلك لم يحصل بعد بحسب مصادر مقرّبة من الحزب. في المقابل، تتحدّث معلومات عن محاولة وسيط، هو صديق مشترك بين باسيل والنائب طوني فرنجية، لإجراء لقاء بين الرجلين في منطقة البترون. لكنّ فرنجية رفض هذا الاقتراح مفضّلاً أن يحصل اللقاء في مكان آخر كي لا يستخدم باسيل رمزية المكان لمصلحته. وبالتالي محاولات التقارب قائمة على قاعدة رغبة باسيل بالتفاوض.

لا يخفى على أحد توقيتُ هذا المشهد. ففي وقت كانت نتيجة جولة لودريان ذاهبة باتجاه الخيار الثالث المرجّح أنّه كان قائد الجيش جوزف عون، وجد باسيل أنّ أفضل الوسائل لقطع الطريق أمام التسوية هو التفاوض مع الحزب على رئاسة سليمان فرنجية. وهو بذلك يقطع الطريق على عون من خلال ما يعتبره البعض “مناورة” يقوم بها مع الحزب لتقطيع الوقت.

في الحالتين، يعتبر الحزب هذا التفاوض ورقة رابحة له، مدركاً أنّ باسيل لا يملك وحده مفتاح الرئاسة. في حسابات الحزب أكسبه باسيل ورقة رابحة في أيّ مفاوضات مقبلة له على الرئاسة، على الرغم من كلّ الكلام عن تمسّكه المطلق بمرشّحه سليمان فرنجية. وفي حسابات باسيل أنّ مفاوضاته مع الحزب تزيد من أسهم استمرارية نفوذه في أيّ عهد مقبل. وفي الحالتين، سواء كان ما يقوم به باسيل مناورة أو لا، وهو على الأرجح مناورة كما يقول عارفوه، أعاد باسيل خلط الأوراق الرئاسية في الساحة الداخلية.

باسيل والتفاوض مع المعارضة

على المقلب الآخر، يحرص باسيل على استمرار تفاوضه مع قوى المعارضة. وفي آخر اجتماع لعدد من نوّابه مع ممثّلين عنها، عبّر التيار الوطني الحرّ عن تمسّكه حتى اليوم بترشيح جهاد أزعور قائلاً: “إذا دعا اليوم الرئيس نبيه برّي إلى جلسة انتخابية فسنصوّت لجهاد أزعور”.

عليه، يسعى باسيل إلى الحفاظ على صلات آمنة مع مختلف القوى، والمحافظة على المظلّة المسيحية من خلال استمرار تقاطعه مع القوى المسيحية المعارضة لفرنجية من جهة، والسعي كما يقول إلى تحقيق مكاسب للمسيحيين في اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة وفي صندوق إدارة أصول الدولة، مقابل انتخاب فرنجية من جهة ثانية.

هي عملية soft landing يقوم بها باسيل، بحسب مصادر معارضة. أمّا حزب القوات اللبنانية فلن يجعل مهمّة باسيل هذه سهلةً من خلال تبنّيه خطاباً ممسوكاً ومتصاعداً يعتبر أنّ مطلب اللامركزية الإدارية هو مطلب وطني لا مسيحي، وليس منّة من أحد، ويمكن للقوى السياسية أن تقوم بمعركة تنفيذه كما ينصّ اتفاق الطائف في مجلس النواب. في اللجان قانون اللامركزية الإدارية يُدرَس ويُناقَش، فلماذا لا يحصل الاتفاق هناك، كما يقول مصدر قوّاتي. أمّا صندوق إدارة أصول الدولة فهو ملك للّبنانيين وليس ملكاً لأحد ليفاوض عليه. وبالتالي لا تصعب قراءة هذه الخطوة على أنّها تعبّد الطرق وتحسّن شروط التيار والحزب معاً في العهد المقبل.

باسيل لا يملك وحده مفاتيح الرئاسة

هل يُنتخَب فرنجية لمجرّد أن ينضمّ باسيل إلى المقترعين له؟

ليس الجواب على هذا السؤال صعباً.

ماذا عن موقف الاعتدال الوطني وموقف الحزب التقدّمي الاشتراكي بالحدّ الأدنى؟

موقف الكتلة السنّية العكّارية لا يرتبط بغطاء باسيل لفرنجية، وكذلك موقف الاشتراكي، فهما مرتبطان بغطاء إقليمي للرئاسة لأنّ جميع القوى السياسية تدرك أنّ عهداً من دون غطاء إقليمي دولي لا مستقبل له. وبالتالي يحتاج وصول فرنجية للرئاسة إلى دعم خارجي غير متوفّر بعد، ومتى توفّر تصبح رئاسة فرنجية أمراً واقعاً وجامعاً وغير مقتصرة على أصوات كتلة باسيل. وبالتالي فإنّ حسابات القصر أكثر تعقيداً من عملية حسابية يحصل فيها فرنجية أو لا يحصل على 65 صوتاً.

في الخلاصة، سيكون شهر آب شهر البيع والشراء، شهر المناورات، شهر الاستعداد لعودة لودريان المُنتظَرَة في أيلول بحوارات ثنائية.

وحدَه رئيس مجلس النواب نبيه برّي يقول علناً إنّه لا طريق لإنقاذ البلد من انهيار وشيك، إلّا بالحوار أو المشاورات وصولاً إلى انتخاب رئيس، وهو سبق أن بعث إلى من يعنيه الأمر رسالة التسوية… بانتظار نضوجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock