التهرّب الضريبي: طريق الإثراء المشروع

خاص الرقيب – لبنى عويضة
ظهرت معالم التطبيع مع الأزمة الاقتصادية المستشرية لدى مختلف طبقات المجتمع اللبناني، إلا أن الاقتصاد المحلي لا يزال يشهد تراجعاً حاداً ومنحدراً، كما أنه بعيد كل البعد عن الاستقرار والتعافي.
لقد أدى فشل القطاع المصرفي وانهيار العملة الوطنية إلى دولرة الاقتصاد النقدي، في ظل غياب صناعة السياسات الإصلاحية، والتي تتسم بالقرارات المجتزأة وغير الملائمة لإدارة الأزمة، إضافة لغياب شبه كامل لأي خطة إنقاذية، مما أدى لاستنزاف رأس المال سواء البشري أو الاجتماعي أو الاقتصادي… وعمّق التفاوت وعدم المساواة الاجتماعية، وأدى لبروز فروقات وطبقات لم يكن المجتمع اللبناني يعرفها فيما مضى.
استفحل الوضع الاقتصادي مؤخراً، وازداد سوءاً مع ازدياد حدة التهرّب الضريبي الذي وسّع رقعة الفروقات، فالتهرّب الضريبي يعرف بأنه التهرّب من دفع الضريبة المتوجبة على الشخص، سواء بشكل كلّي أو جزئي، ويمكن أن يكون بصورة مشروعة أو غير مشروعة.
والنظام الضريبي اللبناني يعتمد على ما يعرف بــ”الضرائب النوعية” والتي تعتمد في جوهرها على أصول معينة، وهذا النظام يسمح للأفراد بتجنب الإفصاح عن إيراداتهم الخفية والمخفية، كما تعفى شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين من متطلب تقديم التقارير الضريبية التفصيلية حول إيراداتهم ونفقاتهم وثرواتهم.
ولعل فساد التهرّب الضريبي يظهر مع الأفراد الذين ترك لهم هامش من الثقة والحرية، بينما الفئات التي تتقاضى الرواتب والأجور فيتم إقتطاع الضرائب من المنبع بشكل مباشر، أي من قبل صاحب العمل بنسبة 100%، بالمقارنة مع أصحاب المهن الذين يصرحون عن أنفسهم بما نسبته 48%.
ومن أبرز أساليب التهرب الضريبي في لبنان:
1 – كتمان إيرادات خاضعة للضريبة.
2 – القيام بأعمال أو معاملات خاضعة للضريبة أو للرسوم دون الالتزام بموجب تقديم مباشرة العمل، وبالتالي بموجب التصريح عن تلك الأعمال والمعاملات.
3 – إنشاء حسابات خارج السجلات المحاسبية.
4 – إجراء عمليات دون تدوينها في السجلات أو دون إظهارها بصورة وافية.
5 – تسجيل نفقات وهمية.
6 – تسجيل التزامات مالية وهمية أو لغير غايتها الفعلية.
7 – استخدام مستندات مزيّفة.
8 – الإتلاف المتعمد لمستندات المحاسبة قبل التاريخ الذي يفرضه القانون.
9 – عدم تقديم التصاريح والبيانات المتعلقة بنتائج الأعمال أو بالمطرح الضريبي.
10 – ممارسة الحسم الضريبي أو الاسترداد دون وجه حق.
11 – القيام بمعاملات وإجراءات من شأنها تحمل موجبات وأعباء وهمية تجاه الغير، وإن اتخذت شكلاً قانونياً.
12 – عدم التصريح عن عمليات الاستيراد والتصدير بقيمتها الحقيقية.
13 – عدم التصريح عن كافة المستخدمين.
14 – عدم إصدار فواتير أو مستندات مماثلة لها وفقاً للأصول.
15 – التستر على صاحب الحق الاقتصادي، وفقاً للتعريف المحدد له قانوناً، من أي مصدر أموال وبأي طريقة كانت.
بالمقابل، فإن النظام الضريبي اللبناني غير فعّال وغير عادل، فهو بحاجة إصلاحات جذرية تعزز الامتثال الضريبي وتعمل على توسيع القاعدة الضرائبية، إلا أن العديد من الأشخاص مؤمنون بمبدأ “عدم أحقية الضرائب” المفروضة من السلطة الحاكمة، لا بل أن الأخيرة فاقدة لثقة مواطنيها بها، فكيف يمكن واقعياً لشخص ملياردير أن يدفع ضريبة مماثلة لذوي الدخل المحدود؟ أين العدل؟ وأين نظام الضرائب التصاعدي الذي يحقق العدالة الاجتماعية؟
لا تكتفي السلطة الحاكمة بالتغاضي عن التهرب الضريبي، لا بل أنها تغض بصرها عن هذا الموضوع خدمة لمصالحها الشخصية إذ أن أول المتمسكين به هم رؤساء السلطة، وتحت شعارات “الأعمال الخيرية” والمساعدات الاجتماعية، يتم التحايل على القانون والتهرب من الضرائب، زد إلى ذلك عدم ضبط الحدود والتهريب المتفشي بشكلٍ بات من المستحيل السيطرة عليه، كذلك الفساد المستشري في مؤسسات الدولة الرقابية وانهيار القطاع المصرفي أيضاً وميزان المدفوعات والحساب الجاري… مما جعل تقييم وتتبع التدفقات النقدية الناتجة عن الضرائب غير المباشرة شبه مستحيل، وبالتالي فإن الفقير وحده من يتحمل تحايل السلطة على القانون وعجزها عن بسط سيطرتها على المتهربين، وبالتالي يقع عاتق الفساد على حساب المواطن، كذلك تنتج طبقة من الأثرياء لا تعترف بواجبها تجاه الدولة.