هل ستنقذ الثروة النفطية لبنان من الانهيار؟
لبنى عويضة – خاص الرقيب
علامات استفهام عدة تطرح حول الأسرار المحيطة بملف الغاز والنفط اللبناني، إذ أن طرح موضوع الثروة الغازية والنفطية في البحر اللبناني رافقته الألغاز والسرية المشبوهة، فالرأي العام بعيد كل البعد عن الحقائق والأرقام.
مثلها مثل أي ملف من شأنه أن يدرّ على الدولة الأموال، وما نجحت به السلطة الحاكمة هي وهم المواطن الملسوع من سوء الادارة والفساد على مدى ثلاثين عاماً، بأن بلده سيصبح الأغنى في الشرق الأوسط، كما أن لبنان سيكون بلا محالة دولة نفطية لا يمكن منافستها عندما يبدأ استثمار هذه الثروة الواقعة في أعماق بحره، والتي من شأنها أن تنتشل لبنان من الدرك الأسفل للانهيار، وتتجه به نحو الازدهار.
لكن ما يصطدم به هذا الملف هو التسوية السياسية، وهو الصراع الذي يؤجج لبنان دوماً، والذي لم ينكفئ يوماً عن لبنان، سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً… فالصراع السياسي في الحكم اللبناني دائم، وهو بات كالعرف داخل أزقته، والسيطرة على كلف كالثروة النفطية لا يمكن أن يمر مرور الكرام ولا يمكن أن يتم التغاضي عنه بسبب المكاسب التي سيدرّها.
بالمقابل، يمكن اعتبار الأزمة الاقتصادية والمالية التي فرضت على لبنان ضمن الاستراتيجية الموضوعة للسيطرة على السلطة والدولة اللبنانية، فلبنان تم إفراغه قسرياً من كفاءة أبنائه، والمؤسسات باتت فارغة من المشغلين، ولعل الحديث اليوم هو عن الخصخصة أو حتى سيطرة القوى السياسية والطائفية بكامل نفوذها على المؤسسات التي تشهد انهياراً تاريخياً.
لذلك، فالسعي اليوم ينصبّ على البحث عن سلطة مركبة ومنتقاة بعناية من أجل المستقبل النفطي الذي ينتظر لبنان، وهذا ما تبحث عن القيادات الخارجية أي الدول، بالإضافة إلى الرهان على اختيار رئيس الجمهورية والحكومات التي سترافق عهده، لأن مستقبل لبنان الاقتصادي والثروة ستكون بيده، ومقاليد الحكم لهذا العهد المنتظر لن تكون كسابقاته، إذ سيتولى الرئيس المرتقب تنفيذ عملية الخروج من الأزمة والانهيار.
إن الخلاف على الترسيم البحري كان أول مشكلة واجهتها القوى السياسية، لكنه لن يكون الأوحد، فما ينتظرنا في الفترة المقبلة يدعو للريبة، خاصة مع طمع العدو الاسرائيلي ومحاولته اغتصاب ثروة لبنان النفطية بعد انتهاك أراضيه، إضافة لطمع توزيع الحصص بين الأفرقاء والأقوياء والدول الخارجية، ما يعني أن لبنان سيبقى في عين العاصفة، والخوف اليوم على أمنه وأمانه في ظل بدء الجشع بثرواته والعمل لقضم المكاسب دون الالتفاف إلى مصلحة دولة ومواطنين كل ذنبهم أنهم وقعوا ضحايا طمع حاكمين، في الوقت الذي تحكم “الأنا” والمصالح الشخصية الدولة بعيداً عن المحاسبة والمساءلة والشفافية، التي ما هي إلا شعارات ترفع لحشد الشعبية لا أكثر.