الحرب النفسية تفتك بالمواطن اللبناني وتنهش بقلقه

لبنى عويضة – خاص الرقيب
“خطة حكومية للطوارئ”، هذا ما قامت به حكومتنا خلال الأيام القليلة الماضية، فمن قطاع الصحة، إلى الاتصالات والكهرباء والأدوية… كلها خطط طوارئ للحرب باتت جاهزة. ولعلها كالقبلة على جبين الميت، فأي خطة تلك التي ستساعد دولة متهالكة على الصمود بوجه الصواريخ والأسلحة الحربية التي لا رادعٍ لها، تلك الحكومة العاجزة عن النهوض بالاقتصاد وتأمين الحقوق الدُنيا للمواطنين، وتلك السلطة العاجزة عن انتخاب رئيساً للجمهورية كيف ستتمكن من الصمود بوجه العدو الصهيوني اللاإنساني في حال شنَّ الحرب على لبنان؟
أما السؤال الذي يشغل بال اللبنانيين: في حرب أو ما في؟
يحمل اللبنانيون في ذاكرتهم “قلق الحرب”، فما من جيل لبناني لم يعايش حرباً معينة، سواء الحرب الأهلية، أو مشاهد صبرا وشاتيلا وقانا، أو حرب 2006، أو معارك مخيم نهر البارد ومعارك التبانة وجبل محسن والحرب على الإرهاب… والعديد من الأحداث الأمنية التي نُقِشت في الذاكرة، وبالتالي تغلغلت باللاوعي والعقل الباطن للشعب.
أما ما تحمله الأخبار اليوم من الحرب الضروس في غزة، والمشاهد الدموية التي تفطر القلوب، فهي تنمي القلق لدى اللبناني وتدفعه للتفكير في ويلات الحرب، خاصة أن جبهة الجنوب ليست بمنأى عما يحصل في فلسطين المحتلة، وهذا ما يعزز التوتر والقلق حتى وإن كان لا مبرر لهما.
اجتياح الصور ومشاهد العنف الوحشية للحرب في غزة ضرب كالنار في الهشيم مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، وأخذت صور الدمار تؤثر بشكل سلبي جداً على نفسية المتابعين للقضية، وحتى العاملين بمجال الصحافة والاعلام، خاصة أنهم على تماس مع الاخبار والمشاهد التي لا يمكن وصفها، وهذا ما يسبب بتعزيز شعور “اللاأمان” في لبنان، وتحديداً أننا شعب يعيش “كل يوم بيومه” ومع أي أزمة أو حدث أمني نتوقع الأسوأ ونشوب الحرب على أرضنا.
بالمقابل، يلهث الناس بطبيعتهم البشرية نحو المعرفة والاطلاع، ويكمن التحدي الأكبر في البحث ونقل الاخبار وجمع العدد الأكبر من الصور والمعلومات والفيديوهات، والبعض الآخر تدغدغه غريزة حب الاطلاع والاستكشاف، وكأن ما يحدث فيلماً سينمائياً يستدعي المشاهدة والمتابعة والتسلي!
من جهة أخرى، يرى علماء النفس أن الإنسان وفقاً لطبيعته البيولوجية والنفسية غير مهيأ لمعرفة الأخبار التي تحصل خارج محيطه الضيق، ولكن التطور التكنولوجي قرّب المسافات وجعل ما يحدث بالغرب في مرمى شاشات الشرق.
واليوم، مع تزايد تدفق الصور والفيديوهات المؤلمة، يعيش المواطن اللبناني حالة من التأهب والتوتر، خاصة وأن مصير الحرب في لبنان غير معروف لغاية اللحظة، ولا قرار سواء بالسلم أو الحرب، والمشاهد التي تصل بعيدة عن الإنسانية وتدمي القلوب، حتى أن العقل البشري عاجز عن استيعابها، لكن الحرب النفسية التي تحصل في المجتمع اللبناني من شأنها أن تفتك بما تبقى من أمان نفسي لدينا، فالشعور بالخطر الدائم والتهويل أخطر من الحرب بالرصاص والقنابل مقابل الحرب النفسية، أما الحكومة اللبنانية فلا بد أنها وصلت للــ”دادا لاند” وتعيش في قوقعتها الخاصة بعيداً عما يمكن أن يكون في انتظارنا.