فضل الله: على اللبنانيين معالجة أزماتهم بدل انتظار ما يحدث
اشار العلامة السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة، الى انه “ينبغي أن تبقى الأنظار متجهة إلى ما يجري في غزة وما قد يحدث لها، بعدما أصبح واضحاً أن كل ما يجري من مواجهات في الجبهات الأخرى سواء في لبنان أو في اليمن أو العراق أو في سوريا، أو ما قد يحصل في مواقع أخرى يأتي انعكاساً لما يجري فيها، فيستمر أو يتوقف بإيقاف العدوان عليها أو استمراره، فهي باتت باب الحرب وباب السلم”.
ورأى أن “أصبح واضحاً أن ما يشجع العدو على عدوانه، هو استمرار الدعم الدولي لهذا الكيان، وإذا كان هناك من حديث عن ضغوط تمارس على هذا الكيان كالذي سمعناه من الإدارة الأميركية أو العديد من الدول الغربية، فهي تبقى من باب ذر الرماد في العيون، وهي ليست لمنع تماديه في عدوانه بل تبقى في إطار التمنيات بأن لا يؤدي أي عدوان يحصل إلى ارتكاب مجازر بشرية بالمستوى الذي يحرج هذه الدول أمام شعوبها وبما يثير حساسية الرأي العالمي، ويزيد من تفاقم الغضب الشعبي الذي يحصل الآن، ويرفع منسوب إدانته أمام محكمة العدل الدولية”.
ولفت فضل الله، الى ان “في هذا الوقت لا تزال الدول العربية والإسلامية تلوذ بالصمت العملي إزاء ما يجري، ولا تقوم بالدور المطلوب منها بالوقوف مع هذا الشعب العربي والمسلم وإسناده ودعمه بكل السبل الدعم ومنع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه، والتي لن تكون بمنأى عن تداعياتها ومخاطرها، فقد وجد هذا الكيان ليكون اليد التي تضرب أي قوة في المنطقة تفكر بأن تعيش حريتها وكرامتها أو تسعى لإيجاد توازن معه”.
وجدد “دعوته للشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم إلى رفع صوتهم عالياً وتفعيل دورهم لمساندة الشعب الفلسطيني بكل سبل المساندة وعدم الإفساح في المجال للعدو الصهيوني باستفراده، وتكرار مشاهد النكبة الأولى التي لا نريد لها أن تتكرر في هذا العصر وعلى مرأى منا”، معتبرا ان “يبقى الرهان الأساس على الشعب الفلسطيني الذي يثبت كل يوم أنه متجذر في أرضه وأنه جدير بالحياة وهو لا يزال يقدم التضحيات ويظهر عنفوانه في مواقع المواجهة مع هذا الكيان، رغم إمكاناته المتواضعة ويقدم أروع صور البطولة والفداء، ما يربك هذا العدو ويكبده المزيد من الخسائر ويجعله غير قادر على الثبات في أي موقع يصل إليه”.
في السياق، لفت الى ان “لبنان الذي لا تزال مقاومته رغم كل ما يبذل من تضحيات تصر على الوقوف مع الشعب الفلسطيني، إيماناً منها بمظلومية هذا الشعب وشعوراً بالمسؤولية لضرورة نصرته والوقوف معه ومنع استفراده، من منطلق إنساني وإيماني، وببعد وطني لشعورها بخطورة انتصار هذا الكيان في معركته على الشعب الفلسطيني على مستقبل لبنان”.
وأضاف، “في هذا الوقت يستمر العدو الصهيوني باعتداءاته على القرى والمدن اللبنانية والتي لم تعد تقف عند حدود الأهداف العسكرية أسوة بما تفعله المقاومة، بل هو يتوسع في ذلك باستهدافه للمدنيين الآمنين في بيوتهم، والذي شهدناه في المجازر الدموية المتنقلة والتي لم توفر حتى الأطفال والنساء كما حصل في الصوانة والنبطية، ما يظهر همجية العدو وضعفه في الوقت نفسه، بعدما لم يستطع أن يرغم المقاومة في أن تتخلى عن خيارها ومبادئها في دعم غزة وتعزيز مناعة الوطن”.
ودعا “اللبنانيين إلى الوحدة لمواجهة تهديدات العدو، ونقول للبنانيين هنا؛ إذا كان من خلاف موجود حول مساندة الشعب الفلسطيني أو الكيفية التي تحصل فيها، فلا ينبغي أن يكون هناك أي خلاف على ما يضمن سيادة هذا البلد وقوته وقدرته على مواجهة تحديات هذا العدو وتهديداته”.
في سياق منفصل، على صعيد الأزمات الداخلية، أكد “ضرورة المعالجة الجادة لها وعدم إهمالها بحجة التحديات التي تواجه البلد، بل ينبغي أن نكون أكثر حرصاً على معالجتها لنكون أقوى في مواجهة هذه التحديات، إن على صعيد معالجة الوضع المعيشي الصعب وملء الفراغ على الصعيد الرئاسي”.
وأكد أن “على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها حيال أولئك الذي نزحوا من أرضهم والذين تتكاثر أعدادهم بفعل توسع العدوان، وهم بأمس الحاجة إلى أيدٍ تمتد وتخفف من آلامهم مع كل تقديرنا لجهود الهيئات والمؤسسات والجهات التي تعمل للتخفيف عنهم وتقوم بمد يد العون إليهم. إن على اللبنانيين أن يبادروا لعلاج أزماتهم ومشاكلهم بدل انتظار ما يحدث من تطورات يُخشى أن تكون على حسابهم”.
كما تحدث في شكل خاص عن ما يحصل من حوادث قتل وسرقة في المناطق اللبنانية، والتي كان آخرها ما حدث في حارة حريك، مطالبا “القوى الأمنية وكل القوى المعنية والفاعلة أن تتحمل مسؤوليتها بالسهر على أمن أهلنا، وحيث لا يجوز إرباكهم بالمزيد من المعاناة الداخلية في الوقت الذي يكفيهم ما يبذلونه في مواجهة الكيان الصهيوني”.