إصرار على النهوض وعزيمة على التجميل… ماذا بعد إزالة التعديات من محيط نهر أبو علي؟

بقلم لبنى عويضة… خاص جريدة الرقيب الإلكترونية:
حمل الطرابلسيون لواء مدينتهم وتشبثوا بالدفاع عنها على مدى سنوات مضت، إذ كانت دوماً تلك المدينة المنكوبة، “قندهار”، وأفقر مدينة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
مدينة تصدح بالإرث والغنى الثقافي والتراثي، لا بل أنها صنفت “عاصمة الثقافة العربية لعام 2024”.
إلا أن أبنائها يصطدمون يومياً بمشاكل الأمن المتفلت والدولة الحاضرة الغائبة؛ وحيث تنشأ أكبر بؤرة سكانية وعشوائيات، اتجهت القوى الأمنية في الأيام القليلة الماضية لإزالة التعديات والمخالفات القائمة على جسر نهر أبو علي ومحيطه، من محال وبسطات وأكشاك…
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه فيما سبق كانت المنطقة المذكورة تعد “سوق الخضار”، إلا أن الدولة قامت بنقل هذا السوق إلى مجمّع مجهز ليكون سوقاً، لكن المخالفات استمرت في تلك المنطقة.
منطقة نهر أبو علي، لبست ثوب العنتريات والمخالفات، وكانت مصدر المشاكل الأمنية الطرابلسية، إذ لا يكاد يمر يوماً دون وقوع إشتباك أو إشكال يترافق مع سقوط جرحى وأحياناً قتلى.
وسط هذه الحملة الجريئة والأكبر من الدولة، والتي لاقت تأييداً ورفضاً من كلتا الجهتين من المواطنين، كيف سيتم مواجهة إجراءات إزالة المخالفات، تحديداً أمام ردة فعل المتضررين والمعارضين؟
سقط الغطاء السياسي عن المخالفين، ورفع نواب المدينة يدهم عن “المخالفين” وحملوا شعاراً موحداً عنوانه “أمن المدينة وأمانها فوق كل اعتبار”.
ولدت هذه الخطوة من رحم فشل البلدية التي تسعى لبسط نفوذها على الجهة الأضعف، فمشروع “سوق الخضار” ينتظر منذ سنوات عدة إلا أن الاهمال والفساد أكلا المشروع وعفى عليه الزمن.
هنا تجدر الإشارة إلى غياب الشفافية والمصداقية في أي مشروع يتعلق بنهضة طرابلس، فالجيوب جائعة لمضغ لأموال الأهالي ومشاريعهم، وما يدخل إلى خزينة البلدية لا يخرج منه إلا الفتات.
صرخة الرافضين لإزالة البسطات انبثقت من كون مئات العائلات المحتاجة تعتاش منها، والبعض في حوزته رخصاً رسمية تسمح لهم بالعمل في المنطقة، لكن لغة المحسوبيات هي الغالبة دوماً.
بالمقابل، فالمؤيدين لهذه الخطوة رؤوا أنه مع إزالة البسطات والأكشاك ستتاح فرصة إعادة تجميل المدينة، والبداية ستكون من ترميم محيط مجرى نهر أبو علي وإزالة النفايات عنه وإحياء مشروع الإرث الثقافي، وهو من شأنه النهوض بتلك المنطقة والمناطق المحيطة بها لما تحمله من آثار ومبانٍ أثرية يجدر الحفاظ عليها، وكون قلعة طرابلس تشرف على هذا النهر، مما سيعدو بأن يكون وجهة سياحية تفيد النهوض بطرابلس وأهلها.
إذن، تجميل محيط القلعة والجسر ينتظر التمويل، وكل خطوة تصبّ في مصلحة طرابلس تعتبر مباركة، فطرابلس من أهم المدن السياحية في لبنان، إلا أنها تعاني من النبذ والتهميش عبر الزمن.
فهل قرار إعادة إحياء الإرث الثقافي في طرابلس اليوم سيأخذ اتجاهه الصحيح؟ أم ستعود بعض القوى السياسية وتبسط سيطرة بعض الأشخاص على المنطقة من أجل مآربها الانتخابية؟
بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.
وعلى أمل أن تضرب الدولة بيدٍ من حديد واضعةً حد لكل المخالفات والمشاكل.
فأمن طرابلس خط أحمر وتجميلها بهدف عودتها للخارطة السياحية فوق كل اعتبار.