رسائل وقحة وحفلة عار مكللة بالأكاذيب… ماذا بعد خطاب نتنياهو أمام الكونغرس؟

بقلم لبنى عويضة… خاص جريدة الرقيب الإلكترونية:
تحت قبة المكان الوحيد الذي يمكن أن يصفق لحفلة أكاذيب “نتنياهو”، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء أمس الأربعاء رسائله الوقحة عبر خطاب سياسي أقل ما يمكن قوله عنه أنه “نتن” أمام الكونغرس الاميركي والذي كان أشبه بـ “سيرك” .
الأزمة الأميركية والتجاوزات
أمام أزمة الولايات المتحدة الأميركية الداخلية، وتحديدًا الأزمة الرئاسية، أطلق نتنياهو سمومه على كل من أظهر العداء له، ووصل جنون العظمة به إلى اعتبار حرب الإبادة الجماعية في غزة بأنها “افتراءات شنيعة”، إذ يرى أنها حرب للدفاع عن النفس. تجاوزت وقاحته الاحتجاجات خارج الكونغرس، وتظاهرات أهالي الأسرى الإسرائيليين، ضاربًا بعرض الحائط جميع المنظومات القانونية الدولية ومؤسسات المجتمع الدولي، بما في ذلك محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، لإخفاء إرباكه من إصدار أوامر اعتقال بحقه.
مقاطعة النواب وغطرسة نتنياهو
كان مفاجئًا مقاطعة أكثر من 100 نائب من الكونغرس الأميركي (من اصل 535 عضواً) والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس لهذا الخطاب المكلل بجرعة أكاذيب مكثفة. حاول نتنياهو أن يظهر كشخص قوي أمام الكونغرس، إلا أن غطرسته انهزمت بداية مع إطلاق رصاصه على مساعي الهدنة التي تسعى إليها أميركا منذ بداية معركة طوفان الأقصى، إضافة لمساعي تبادل الأسرى.
تبريرات لفشل الحرب على غزة
حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي البحث عن تبريرات لفشله الشنيع في تحقيق أهداف الحرب الضروس على غزة، وأهمها القضاء على حماس، واستعادة الأسرى، وإقامة المستوطنات على أنقاض قطاع غزة بعد احتلاله. لم يكتفِ بالهجومات المقززة التي قام بها، بل هاجم المحتجين وطلاب الجامعات، ووصفهم بـ”الخونة” ومعاداة السامية.
تطورت وقاحة نتنياهو أمام الكونغرس حتى سوّلت له نفسه الحديث بمحض الكذب والافتراء حول كيفية تعاطي الإسرائيليين مع الفلسطينيين، وتحديدًا أهالي غزة، على الصعيد الإنساني وتوصيل المساعدات وعدم استهداف المدنيين، مدعيًا أن إسرائيل هي خير دولة ديمقراطية.
طلب الأسلحة والمزيد من الدعم
طالب نتنياهو أميركا بالمزيد من الأسلحة الضرورية لاستكمال الحرب، مدعيًا أنه يدافع عن أميركا ويمنع خطر الإرهاب، كما سعى لنيل اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل وإعدام القضية الفلسطينية التي ناضلت من أجلها أجيال وتكبدت ملايين الشهداء. لعب على الوتر الحساس، فلم تغب عنه مصطلحات الدعاية الصهيونية التاريخية، بل أحضر معه إلى الكونغرس عينات ونماذج من الأسرى المحررين والجنود المصابين في محاولة لإثارة التعاطف معه وحشد الدعم له.
الوتر الإيراني
عزف نتنياهو على الوتر الإيراني، مصممًا على أن إيران هي العدو الأول لأميركا وإسرائيل، وتشكل الخطر الأكبر على العالم وتهديدًا لأميركا، خصوصًا بعد تمدد أذرعها في لبنان واليمن والعراق وارتباطها بحماس والمقاومة الفلسطينية. القتال الإسرائيلي واجب مفروض عليهم كما أنه لخدمة أميركا، حسب زعمه.
الحرب الوجودية
إسرائيل في حرب وجودية اليوم، ويرى نتنياهو أنها حرب الحضارة ضد البرابرة، وأنهم أمام عدوين هما إيران (التي يخدمها المتظاهرون ضد نتنياهو) والإرهاب، أما القتال فهو مستمر حتى النصر المشروط بزيادة عديد الأسلحة الغربية، وتحديدًا الأميركية. الأهم برأيه هو إقامة “تحالف إبراهيمي”، واتهام المحكمة الدولية بالكذب، مما يوضح أن الخطاب كان خطاب حرب بامتياز بعيدًا عن الاتفاقات والصفقات والمفاوضات.
استمرار الحرب لما بعد الانتخابات
حفلة جنون ومجون أمام الكونغرس، رقص فيها نتنياهو على رفات إنجازاته الوهمية، وشدا بغناء أكاذيبه ليعيد خلط الأوراق وإشعال البركان المغلي، وكأنه آتٍ من كوكب “لالا لاند”، وهو رئيس حكومة الدولة المهزومة والمأزومة التي تقتات على الشهداء والدماء الفلسطينية. يتمسك نتنياهو بمواقفه السابقة وأكاذيبه الوهمية بالنصر الساحق وشراء الوقت للمزيد من الإبادة بمباركة أميركية تؤكد أن الحرب في غزة مستمرة بلا شك لما بعد انتخاب الرئيس الأميركي الجديد.
فكيف ستتجه بوصلة الحرب على غزة في ظل الانقسامات سواء الداخلية أو الخارجية حول “نتنياهو”، خاصة وأن جزءًا لا بأس به من الإسرائيليين يعتبرونه مجرم حرب؟ وماذا ينتظر جبهة الجنوب اللبناني من جنون ذلك الأخرق “النتن”؟