راديو الرقيب
خاص الرقيبخاص سلايدرمقالات

الفيل الجمهوري يكتسح الحمار الديمقراطي: قراءة في فوز ترامب على هاريس

بقلم: لبنى عويضة… خاص جريدة الرقيب الإلكترونية

في سباق انتخابي لم يخلُ من الإثارة والاستقطاب، تمكن الرئيس السابق دونالد ترامب من تحقيق فوز تاريخي على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ليعود بذلك إلى البيت الأبيض، معززاً قوة الحزب الجمهوري الذي اكتسح أيضًا مجلس الشيوخ الأمريكي. كانت هاريس تمثل آمال الديمقراطيين في استمرارية مشروعهم السياسي، إلا أن فوز ترامب قلب موازين اللعبة، مؤكداً توجه الشعب الأمريكي نحو الرؤية المحافظة، وربما معارضته للتوجهات الليبرالية التي هيمنت على المشهد الأمريكي في السنوات الأخيرة.

كيف قلب ترامب المعادلة؟

أدارت حملة ترامب معركة انتخابية شرسة، استندت إلى استراتيجيات متعددة ركزت على تأييد القاعدة الشعبية، حيث بدا جلياً أن خطابه المتمحور حول شعار “أمريكا أولاً” يحظى بشعبية واسعة. ركز ترامب على قضايا أساسية تهم الأمريكيين، كالتحديات الاقتصادية، والهجرة غير الشرعية، مع التعهد بمزيد من الاستقلالية في السياسات الخارجية، ما جذب شريحة واسعة من الناخبين الساعين إلى استعادة قوة أمريكا التقليدية.

في المقابل، واجهت حملة هاريس تحديات، أبرزها الانقسامات الداخلية في الحزب الديمقراطي وصعوبة إقناع الناخبين بأن مشروعها يحمل جديداً يُحدث تغييراً ملموساً. وقد أثرت هذه الأخطاء الاستراتيجية لصالح ترامب، ومنحته فرصة ذهبية للانتصار على منافسته والحزب الديمقراطي.

تداعيات فوز ترامب على الداخل الأمريكي

داخلياً، يعزز هذا الفوز من نفوذ الحزب الجمهوري، ويعيد ترسيخ التيار المحافظ في الكونغرس. من المتوقع أن يستثمر ترامب هذا الانتصار لتعزيز سيطرة الجمهوريين، سواء عبر تعديلات تشريعية أو إجراءات قد تشكل تحديات جديدة أمام الديمقراطيين. بالنسبة للحزب الديمقراطي، يبدو أن هذه الهزيمة ستدفعه إلى إعادة تقييم استراتيجياته، وربما تثير جدلاً واسعاً حول قياداته وأولوياته المقبلة.

تأثير فوز ترامب على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط

يتخوف المراقبون من عودة النهج المتشدد لترامب تجاه الشرق الأوسط، خصوصاً في ملفي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والبرنامج النووي الإيراني. سبق لترامب أن انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، ومن المرجح أن يواصل سياسة “الضغط الأقصى” تجاه طهران، ما قد يؤدي إلى تأزيم الأوضاع في المنطقة. كما أن الدول العربية التي دعمت ترامب سابقاً، قد ترى في فوزه فرصة لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، مما قد يعزز أدواراً جديدة لبعض الدول في المنطقة تحت المظلة الأمريكية.

عودة ترامب قد تعني أيضًا استمرار تجاهله لحل الدولتين في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وربما تعميق الانحياز لصالح إسرائيل، ما يزيد من التوترات ويشعل الاحتقان الشعبي في دول المنطقة.

انعكاس فوز ترامب على لبنان

لبنانياً، من المتوقع أن يؤثر فوز ترامب بزيادة الضغوط الأمريكية، لا سيما عبر فرض عقوبات قد تطال شخصيات ومؤسسات يُشتبه بتورطها في أنشطة تهدد الأمن الأمريكي. على الصعيد الأمني، من الممكن أن يواصل ترامب دعم الجيش اللبناني، ولكن بشروط تضمن توافقه مع السياسة الأمريكية.

ومع وعود ترامب بإنهاء الحروب، يمكن ترجمة ذلك كضغط متزايد على الأطراف اللبنانية، ولا سيما القوى الإقليمية، للتوصل إلى تفاهمات تخفف من احتمالات التوتر على الحدود الجنوبية وتحد من النزاعات الداخلية المتأثرة بالصراعات الإقليمية.

يبقى التساؤل حول مدى جدية ترامب في وعده بإنهاء الحروب في المنطقة. إذ يتميز ترامب بنزعته الاقتصادية التي تجعله يميل إلى استراتيجية “السلام عبر القوة”، ما يعني أن تنفيذ الوعود قد يتطلب فرض شروط معقدة قد تعرقل فرص الوصول إلى حلول سلمية مستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock