راديو الرقيب
خاص الرقيبخاص سلايدرمقالات

لبنان أمام مفترق طرق: كيف تحدد المساعدات الدولية مستقبل البلاد؟

بقلم: لبنى عويضة…
خاص: جريدة الرقيب الإلكترونية

استعرّت الحرب في لبنان وتفاقمت الازمات اقتصادية كانت ام انسانية وحتى سياسية، حتى باتت المساعدات الدولية طوق النجاة الذي يتربص به لبنان لتخفيف معاناته وتعزيز ولو جزء بسيط من استقراره.
ومع تدفق هذه المساعدات من جميع الاتجاهات، تزداد التساؤلات حول قدرتها على إنقاذ لبنان من أزماته، أو أنها ستتحول إلى أداة للضغط والهيمنة، لتفرض تبعية جديدة تهدد استقلاله وقراره السياسي. فهل لهذه المساعدات تأثير على مستقبل لبنان؟

المساعدات في سياق الحرب: ضرورة إنسانية أم نفوذ سياسي؟
مع تقلص الموارد وضعف قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، تمثل المساعدات الدولية شريان حياة للبنان. تشمل هذه المساعدات دعماً إنسانياً حيوياً مثل المواد الغذائية، الأدوية، والوقود، ما يخفف عن المواطنين، وخصوصاً النازحين، من وطأة الأزمة. ومع ذلك، لا تقتصر هذه المساعدات على الأبعاد الإنسانية؛ فالدول التي تقدمها تسعى غالباً إلى تنفيذ سياسات تخدم مصالحها الإقليمية، مما يضع لبنان أمام تحدٍ كبير في الحفاظ على توازنه بين قبول المساعدات وبين استقلالية قراره الوطني.

التحديات المرتبطة بالشروط الدولية
لا تأتي المساعدات الدولية دون شروط، حيث تفرض الدول والمنظمات الدولية غالباً شروطاً تتعلق بالإصلاحات السياسية والتغييرات الاقتصادية. ورغم أن هذه الشروط قد تكون ضرورية لضمان استدامة الدعم، فإنها تمثل تحدياً حقيقياً لحكومة أثبتت تقاعسها في إدارة الأزمة. وبرزت قضايا الإصلاح السياسي، محاربة الفساد، والشفافية في إنفاق الموارد كعناوين رئيسية للضغوط الدولية، مما يفرض على الحكومة اتخاذ قرارات صعبة قد لا تحظى بإجماع داخلي.

المساعدات كمدخل للنفوذ الإقليمي والدولي
تستخدم العديد من القوى الدولية المساعدات كوسيلة لتعزيز نفوذها في لبنان، مما يضع البلد في موقف دقيق. فالدول الكبرى تسعى من خلال المساعدات المشروطة إلى توجيه سياسات لبنان بما يخدم مصالحها الإقليمية والدولية، وهو ما يعرض لبنان لمساومات قد تمس سيادته وأمنه. يمكن لهذه المساعدات أن تُستخدم كأداة للضغط على لبنان لتغيير تحالفاته الإقليمية أو إعادة ترتيب أولوياته بما يتماشى مع أجندات خارجية لا تعكس بالضرورة مصالح الشعب اللبناني. إذاً، تصبح هذه المساعدات سلاحاً ذا حدين، قد تؤدي إلى تبعية طويلة الأمد إذا لم تُدار بحكمة.

استراتيجية متوازنة للاستفادة من المساعدات
في مواجهة هذه التحديات، على الحكومة اللبنانية أن تتبنى استراتيجية تهدف إلى الاستفادة من المساعدات الدولية دون التفريط بسيادتها. يجب توجيه المساعدات نحو مشاريع تنموية طويلة الأمد في قطاعات التعليم، الصحة، والبنية التحتية، مما يساهم في بناء اقتصاد مستدام قادر على الوقوف على قدميه. كما ينبغي تبني سياسة توازن بين الاستفادة من المساعدات وتجنب الخضوع للضغوط السياسية، مع ضمان أن تُوزع المساعدات بشكل شفاف وعادل، ما يساهم في تعزيز استقلالية لبنان وحماية مصالح شعبه.

مصير لبنان: بين إنقاذ مشروط واستقلالية مهددة
يبقى لبنان أمام مفترق طرق حاسم في كيفية التعامل مع المساعدات الدولية في ظل الحرب. هل ستكون هذه المساعدات بوابة لإعادة بناء الوطن وتحقيق الاستقرار، أم ستتحول إلى قيد جديد يعرقل سيادته ويهدد استقلالية قراره؟
التحدي الحقيقي يكمن في قدرة لبنان على استغلال الأزمة الحالية لتحويلها إلى فرصة، ليحظى بالدعم الدولي دون الوقوع في فخ التبعية المستمرة.
القرار الآن بيد اللبنانيين، وعلى الحكومة أن تتعامل بحذر وذكاء، لضمان أن تكون هذه المساعدات قادرة على إنقاذ لبنان فعلاً، دون أن تقيّده بشروط تمس سيادته واستقلاليته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock