راديو الرقيب
خاص الرقيبخاص سلايدرمقالات

التغيير الديموغرافي القسري: سلاح العدو لتدمير الهوية اللبنانية

بقلم: لبنى عويضة…
خاص: جريدة الرقيب الإلكترونية

في صراعه المستمر مع لبنان، لم يتوانَ العدو عن استخدام أكثر الأساليب قسوة لتحقيق أهدافه. فمن القصف العشوائي إلى التهديدات الممنهجة والجرائم التي لا حصر لها، تتجلى اليوم استراتيجية وحشية تهدف إلى اقتلاع الإنسان من أرضه، محو هويته، وتدمير مجتمعه.
ولعل الجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية هما أبرز مسرحَين لهذه الجرائم، حتى أصبح التهجير القسري سلاحًا رئيسيًا بيد الاحتلال.

التطهير الديمغرافي: هدف استراتيجي

يهدف العدو الإسرائيلي، في عملياته العدوانية، إلى تفريغ المناطق الحدودية والضاحية من سكانها، في محاولة واضحة لتغيير ديمغرافي يخدم مصالحه.
فقد عمد العدو إلى قصف عنيف لا يميز بين كبير وصغير، في محاولة لخلق حالة من الرعب الجماعي تدفع السكان إلى النزوح القسري. هذه السياسة ليست مجرد عدوان عسكري، بل هي جريمة تطهير عرقي تهدف إلى اقتلاع الهوية اللبنانية.

تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية

من جهة ثانية، أدى التهجير القسري إلى دفع آلاف العائلات إلى المجهول، ليواجهوا تحديات اجتماعية واقتصادية مدمرة أبرزها:
• اجتماعيًا: يتعرض النازحون لانهيار كامل في حياتهم اليومية، حيث تُفَكك الروابط الأسرية وتُهدم أسس المجتمع. الأطفال بلا مدارس، والأسر بلا مأوى، والمستقبل بات خالي الوفاض ومهددًا بالضياع.
• اقتصاديًا: يطال التدمير البنية الاقتصادية بشكل مباشر، من مزارع الجنوب التي تُترك للخراب، إلى المحال التجارية والمنازل التي تتحول إلى أنقاض. الاحتلال يحوّل السكان إلى لاجئين في وطنهم.

المجتمع الدولي: الصمت المتواطئ

رغم بشاعة المشهد، لا تزال ردود الفعل الدولية تتراوح بين الإدانة الخجولة والصمت المدوي. هذا الصمت يُعد تواطؤًا غير مباشر، مما يتيح للعدو المضي في سياسته العدوانية دون رادع.

ماذا يستفيد العدو الإسرائيلي من تهجير اللبنانيين؟

التهجير القسري ليس مجرد نتيجة عرضية للعدوان الإسرائيلي، بل هو أداة أساسية في مخطط استراتيجي لتحقيق مكاسب بعيدة المدى:
• أمنيًا: يساهم تفريغ المناطق الحدودية من سكانها في إنشاء مناطق عازلة تُسهل على إسرائيل التحكم بالحدود وتقليل المخاطر الأمنية.
• ديموغرافيًا: يؤدي التهجير إلى تفكيك النسيج السكاني اللبناني، مما يخلق خللًا ديموغرافيًا يخدم مصالح الاحتلال ويضعف الروابط المجتمعية.
• سياسيًا: بإخلاء الجنوب والضاحية من سكانهما، تضرب إسرائيل الحاضنة الشعبية للمقاومة اللبنانية، ما يؤدي إلى إضعاف دورها وتأثيرها.
• اقتصاديًا: يدمر التهجير القسري الزراعة والبنى التحتية في المناطق المستهدفة، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية ويزيد من اعتماد لبنان على المساعدات الخارجية، ما يُبقيه في دائرة الضعف.

بهذا التهجير، تُشن حرب شاملة تستهدف الأرض والشعب والهوية اللبنانية.

الصمود في وجه الإبادة

رغم كل محاولات العدو الإسرائيلي، يبقى الشعب اللبناني متمسكًا بأرضه وهويته. فالمقاومة ليست مجرد سلاح يحمي الحدود، بل هي أمل يعيد للنازحين حقهم في العودة إلى قراهم ومدنهم. هذا الصمود الجماعي يُعد التحدي الأكبر أمام مشروع الاحتلال، والرد الأبلغ على وحشيته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock