راديو الرقيب
خاص الرقيبخاص سلايدرمقالات

في حضرة “القويّ الأمين”: المال والبنون وماكينة انتخابية منذ عام الطوفان!

خاص: جريدة الرقيب الالكترونية

ككل موسم انتخابي، يخرج علينا أحدهم مرتديًا عباءة “القويّ الأمين”، ليُخبرنا أن المدينة تحتاج إلى التغيير. طبعًا، على يده الكريمة، ومن خلال ماكينة انتخابية كانت تتحضّر منذ عام 2022 (أي بعد فترة وجيزة من الانتخابات الماضية… وسبحان الله على هذا الحِسّ المبكر!).

يخبرنا أنه لا يتدخّل، لا يفرض مرشحين، ولا يتواصل مع أحد. فقط “دعم معنوي وسياسي”! كأننا في عيادة نفسية، لا في معركة انتخابية. ويتناسى طبعًا أن وصوله أصلاً إلى المجلس النيابي جاء على أكتاف المال السياسي الذي استشرى في الضمائر.

ثم يُطلّ علينا بفتوى عصرية: المال السياسي؟ ليس عيبًا! بل هو “زينة الحياة الدنيا”. وتبدأ السيمفونية: “أبو بكر كان يُموّل النبي، وأنا متموّل من عرق جبيني!” وكأنّ الآيات القرآنية كُتبت لتبرير الرشى الانتخابية، أو كأنّ أبا بكر الصدّيق كان يشتري أعضاء مجلس بلدي من السوق.

والأجمل؟ فجأةً، يتحوّل الإعلام إلى أبيض وأسود: من معنا فهو ناصع كالثلج، ومن لا يصفّق لنا فهو من أهل الظلام. هكذا يُفصّل الخطاب على المقاس، وتُوزَّع ألوان الصحافة كأننا في متجر طلاء، لا في مدينة تنهار من القهر والإهمال.

يقول لك: “أنا لست بيكًا ولا باشا ولا أفندي…” صحيح، فقط “راعي صالح”، لا يفرض شيئًا، لكنه ينصح “الشباب” بتشكيل لائحة، ويعرض ماكينة انتخابية ولوجستية كاملة على الراغبين. يا سلام! أي أن الحياد عنده صيغة جديدة: أنتم تحكوا وتشتغلوا، وأنا أدير كل شيء من خلف الستار… كأنّه “الجنّيّة الطرابلسية”.

وإذا تجرّأ أحد وانتقده، يصبح كمن “يرشّ السمّ”، ويُتَّهم بتحريض الصحافيين ليشتموه… رغم أنه “لا يعرف إن كان المقصود هو أم لا” (لكنه قالها احتياطًا، فقط ليكون في الصورة).

باختصار، نحن أمام مدرسة حكم من نوع جديد: تُملي، تموّل، توجه، تحاضر، تنظّر، تنتقد… لكنك “لا تتدخّل”!

يا أهل طرابلس، القصة ليست تغييرًا، ولا حرصًا، ولا مالًا “من عرق الجبين”. القصة أن ثمة من يظنون أنفسهم أذكى من الناس، ويعتقدون أن بآية مختارة وحديث شريف وصورة مشروع صغير، يمكنهم من شراء وعي المدينة وتوظيفه في خدمة مصالحهم.

لكن طرابلس ليست للبيع. ومن يظن أن الورع الانتخابي يغطي على الوصاية، فليجرّب مرّة أن يصمت ويترك الناس تختار، من دون ماكينة، من دون رُعاة، ومن دون خطب إفطارية مملّة.

فهذا النموذج من المتملّقين الذين هبطوا بالصدفة لا بدّ من إعادته إلى حجمه الطبيعي. لأنه ببساطة؟ لا يصلح إلا أن يكون “فُشارًا”… كثير الضجيج، عديم القيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock