راديو الرقيب
السياسيةخاص سلايدر

إلى الانتظار مجدّداً ولودريان يعد بعودة عاجلة

النهار 

مع أنّ لبنان كان مثله مثل سائر بلدان العالم أمس مشدوداً إلى التطوّرات المذهلة الجارية في روسيا في ظل التمرّد العسكري الذي قامت به مجموعة فاغنر في مناطق جنوب روسيا وهدّدت بالتمدّد إلى موسكو، فإنّ ذلك لم يبرّد حمى التفاعل الداخلي مع الجولة الأولى من لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي غادر لبنان أمس واعداً بعودة عاجلة إليه “لأنّ الوقت لا يعمل لصالح لبنان” كما أعلن بنفسه. بدا واضحاً أنّ الانطباعات الموضوعية المتجردة التي تركتها مهمة لودريان في جولته الأولى لا تبعث إطلاقاً على التفاؤل بأيّ تبديل وشيك في معالم الأزمة الرئاسية بعدما تظهرت لدى الموفد الفرنسي الصورة الشديدة التعقيد والصعوبة للانقسامات اللبنانية حيال الأزمة والتضارب في الرؤى حيال المخارج الممكنة لها بما يستدعي تالياً تعاظم الشكوك في السبل المتاحة لفرنسا لاجتراح ما استعصى عليها تمريره في الأشهر الثمانية السابقة من عمر الفراغ الرئاسي. وإذ يبدو الدور الفرنسي نفسه في مأزق مماثل إن لم يكن أكبر من المأزق اللبناني في إيجاد مقاربة مختلفة عن مقاربة دعم ترشيح سليمان فرنجية رئيساً وتعيين نواف سلام رئيساً للحكومة التي واجهت عمليّاً الإخفاق فإنّ الأزمة عادت بعد أيّام الجولة الأولى من مهمّة لودريان في لبنان إلى نقطة الانتظار وملء فراغ ترقّب عودة لودريان في تموز بالسجالات والتنظير فقط! إذ ليس في الوارد توقّع أيّ شيء او أيّ تحريك داخلي راهناً قبل الزيارة الثانية للودريان الذي بعد أن يقدّم تقريره “المتشائم” للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويتّفق معه على طبيعة المسالك التي سيتبعها في الفصل الثاني من المهمة، سيقوم بزيارة الرياض والدوحة وسيفتح باب التشاور على أوسع نطاق مع الشركاء الخمسة لفرنسا في مجموعة “اللقاء الخماسي” حول ما يمكن القيام به في لبنان بتوافق الدول الخمس.
وفي ختام جولته في بيروت أمس، كشف لودريان عن معالم المرحلة الثانية من مهمّته. فأعلن في بيان أنّه “بناء على طلب رئيس الجمهورية، الذي عيّنني موفده الشخصي من أجل لبنان، قمت بزيارة إلى لبنان من 21 إلى 24 حزيران، في هذه الزيارة الأولى أردت أوّلاً أن أصغي، لذا التقيت بالسلطات المدنيّة والدينيّة والعسكريّة بالإضافة إلى ممثلين عن كافة الأطراف السياسيّة الممثلة في مجلس النواب.

وأضاف: “سوف أرفع تقريراً حول هذه المهمة إلى رئيس الجمهورية فور عودتي إلى فرنسا. وسأعود مجدّداً إلى بيروت في القريب العاجل لأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان”.

وتابع: “سوف أعمل على تسهيل حوار بنّاء وجامع بين اللبنانيين من أجل التوصّل إلى حل يكون في الوقت نفسه توافقياً وفعّالاً للخروج من الفراغ المؤسساتي والقيام بالإصلاحات الضروريّة لنهوض لبنان بشكل مستدام وذلك بالتشاور مع الدول الشريكة الأساسية للبنان”.
وكان المبعوث الرئاسي الفرنسي اختتم زيارته للبنان بلقاء وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في الوزارة، صباح أمس برفقة سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو ووضعه في أجواء لقاءاته مع الأطراف اللبنانيين، على أن يواصل إتصالاته قريباً.

وفي المحطات البارزة من المشهد الداخلي أطلق النائب أشرف ريفي مواقف بارزة عقب زيارته أمس لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب فإذ أشار إلى أنّ “الأرقام التي أفرزتها جلسة 14 حزيران كانت لافتة وواضحة، ولو أنّ حزب الله اعتبرها “وجهة نظر”، هو الذي حاول إقناعنا بمعادلته “الـ51 صوتاً أكثر من الـ59 صوتاً” ، ذكّر “بأنّ الحزب صرّح مراراً وتكراراً عن قدرته في التحكّم باللعبة ساعة يشاء، فأوضحنا له أنّ هناك حالة سياديّة ترفض الهيمنة الإيرانيّة التي يشهدها لبنان من خلاله، وهي حالة مسيحية -إسلاميّة متماسكة بشكل كبير، لذا، نحن مستمرون في معركتنا وصامدون إن شاء الله من أجل تعزيز هذه الحالة أكثر فأكثر لنتمكن من كف اليد الإيرانيّة عن الوطن”.

ورأى أنّ “الفرنسي يحاول الخروج من “الثنائي” الذي سمّاه، خصوصاً أنّ المسيحيّين يرفضون أن يكون مرشّح “حزب الله” مرشّحهم والأمر سيّان بالنسبة للسنّة الذين يرفضون السفير نواف سلام لأنّه لا يمثلّهم، مع احترامنا لشخصيّته وأكاديميّته”.

وأوضح “أن الضيف الفرنسي، كان مستمعاً أكثر منه متكلماً، فوجّه سؤالين أساسين: الأول طلب عبره توصيفاً للواقع فأسمعناه وصفنا في هذا السياق فيما أراد في السؤال الثاني معرفة رؤيتنا في كيفيّة الخروج من الواقع الراهن، فكان جوابنا واضح وبسيط: وجوب عقد جلسة انتخابات رئاسيّة وفقاً للدستور اللبنانيّ بدورات متتاليّة. وأشار إلى أنه في المرّة الأولى استطعنا تأمين 59 صوتاً لمرشّحنا، ولو حصلت الدورة الثانية لتمكّنا من إيصاله إلى الأكثريّة المطلوبة أي 65 صوتاً”.

في غضون ذلك جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عظته في قداس يوبيل كهنوتي لكهنة طرابلس – في كنيسة مار مارون طرابلس أمس موقفه الثابت من الأزمة الرئاسية وممّا قال “الرحمة مطلوبة من كلّ مسؤول في الكنيسة والدولة: المسؤولون السياسيّون عندنا ينتهكون بشكل سافر الرحمة ومقتضياتها تجاه المواطنين. وقد أوصلوا الدولة إلى تفكّكها، والشعب إلى حالة الفقر المدقع والحرمان، وحرموه حقوقه الأساسيّة والعيش بكرامة.

وها معطّلو نصاب جلسات مجلس النوّاب لإنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يمعنون في ذلك، وكأنّ العمل السياسيّ أصبح وسيلة للهدم والقهر، بدلًا من أن يكون فنّاً شريفاً لخدمة الخير العام. مرّة أخرى نردّد للمسؤولين السياسيين: انّ لبنان ليس ملكًا لأحد ليتصرف به وبشعبه على هواه وبحسب مصالحه. لبنان ملك شعبه وتاريخه وثقافته وحضارته. نحن نشجب وندين هذا التصرف الهدّام للبنان ومؤسساته واقتصاده وماله العام. انّ مدينة طرابلس العزيزة التى كانت تدعى “أم الفقير” أصبحت اليوم “مدينة الفقراء”.

وليتذكروا مقدمة الدستور التي تنص على أنّ لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية”. فليتفضل المجلس النيابي أن ينتخب رئيساً للجمهورية ولديه مرشّحان محترمان”.

وسط هذه الأجواء تتّجه الأنظار اليوم إلى المدينة الكشفية عين زحلتا حيث سيكون الحدث ، مع انعقاد المؤتمر الـ49 للحزب التقدمي الاشتراكي لانتخاب رئيسه الجديد بعد استقالة رئيسه الزعيم الجنبلاطي وليد جنبلاط. فقد اكتملت التحضيرات ليوم انتخاب الرئيس الجديد للحزب، لوجستيّاً وترشيحاً أيضاً، علماً أنّ المعركة محسومة لرئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط. ويرتقب أن تكون للرئيس المستقيل وليد جنبلاط كلمة مهمّة في المناسبة ستكون شاملة وتتطرّق إلى تاريخ الحزب وثوابته ونضالاته، وإلى التحديات والأزمات والاستحقاقات التي تواجهها البلاد والمنطقة اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock