من الرياض الى الدوحة… هل «استوت الطبخة» أم لم ينضج الحلّ؟
كتبت هيام عيد في جريدة “الديار”
تركت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى المملكة إنطباعاً، يستدلّ منه صعوبة واستحالة التأكيد باقتراب الإتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذ أشارت المعلومات إلى أن لودريان قام بزيارة إستطلاعية وتشاورية، وتم خلالها عرض للخطوات التي يمكن أن يواكبها ويتابعها مع المملكة العربية السعودية، وتحديداً خلال اللقاء الخماسي المتوقّع انعقاده يوم الإثنين المقبل في الدوحة.
ولكن، وفي موازاة ذلك، تبيّن أن الأمور ما زالت في مكانها، إذ لم يتطرّق النقاش بين لودريان ومستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، إلى إمكان التوافق على مرشح يمكن دعمه للرئاسة، لأن ذلك يحتاج إلى إجماع من الدول الخمس، كما وفي الوقت عينه، تبين أن باريس والرياض يتناغمان حول ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية في وقت قريب، ولكنهما في الوقت عينه ليس لديهما من مرشح بعد ما قيل حول أن فرنسا، ومنذ زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى الإيليزيه ولقائه بالرئيس إيمانويل ماكرون، قد بدّلت موقفها إذ لم تعد متمسكة بأي مرشح، من خلال بقائها على مسافة واحدة من كافة الأطراف اللبنانية.
وفي هذا السياق، نقلت مصادر ديبلوماسية مواكبة، أن اللقاء الخماسي الذي سيعقد اجتماعاً خلال أيام، يبحث في فتح خطوط تشاورية مع إيران، ولذا، فإن اجتماعه لن يكون بدوره حاسماً أو سيحمل مؤشرات تشي بأن انتخاب رئيس للجمهورية قد بات قريباً، ومردّ ذلك إلى صعوبة التوافق على اسم يحظى بقبول اللبنانيين، أو على قبول الدول الخمس، وإن كان ذلك أقلّ وطأة من التباينات والإنقسامات المحيطة بشريحة كبيرة من المكوّنات اللبنانية، إلا في حال ارتؤي المفاضلة على مرشح معين خلال لقاء الدوحة، وعندئذ يحمل لودريان معه إلى بيروت تصوّراً حول هذه المسألة، والبناء عليه لتوفير أوسع دعم له، مع الأخذ بعين الاعتبار ما لدى المعترضين من هواجس وأسباب آيلة التي منعهم من انتخابه.
وهنا، تلفت المصادر إلى أن الأرجحية تتمحور حول قائد الجيش العماد جوزف عون، بعدما نمي إلى بعض الأوساط اللبنانية العليمة، أن قائد الجيش أضحى لديه هامشاً واسعاً من التأييد العربي والدولي، وخصوصاً من الدوحة، ولهذه الغاية جاء تحرّك السفير القطري في بيروت ابراهيم بن عبد العزيز السهلاوي في الأيام الماضية، والذي التقى بعض المرجعيات الرئاسية والسياسية. وفي هذا المجال، فهو يوسّع من دائرة تحرّكاته وتواصله مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يعتبر المفتاح الأبرز في هذا الإطار، من خلال دوره كرئيس للمجلس وامتلاكه القدرة على إقناع الكثيرين بقائد الجيش، وصولاً إلى أنه من الداعمين في إطار «الثنائي الشيعي» لترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
وبناء على هذه المعطيات والأجواء، تتوقع المصادر نفسها، أن تتبلور هذه المعطيات في وقت ليس ببعيد، وحدّه الأدنى منتصف الأسبوع المقبل، لا سيما بعد اجتماع الدوحة، وما يمكن أن يؤدي إليه من تفاهمات سينقلها لودريان إلى بيروت، بمعنى أنه لا يمكن أن يزور العاصمة اللبنانية دون أن يكون حاملاً مؤشرات للحلحلة لخروج البلد من المعضلة الرئاسية.
لذا، وانطلاقاً من هذه المعطيات، أضافت المصادر، هناك عملية إعادة خلط أوراق، وأكثر من استحقاق يجري التركيز عليه، من زيارة الموفد الفرنسي للرياض ومن ثم «اللقاء الخماسي» الذي سينعقد في الدوحة، بالتوازي مع ما يحصل في الداخل عبر لقاءات واتصالات، إنما يبقى الحل الخارجي من خلال الدول المعنية بالشأن الداخلي، هو المعبر للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي خضم ذلك، يستدل أيضاً أن كل ما يحصل في الداخل والخارج، لا يدلّ على أن الأمور متّجهة إلى تسوية قريبة، أو أن الأمور تُطبَخ على نار حامية، بل كل ذلك يصبّ في إطار التشاور، إلا في حال حصل أمر ما من الرياض إلى الدوحة، وهو في متناول لودريان ليعمّمه على المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته الثانية إلى بيروت.