راديو الرقيب
اقلاممقالات مختارة

بين عون و”السيّد”… رجالات العهد الذين انقلبوا ضدّه!

ملاك عقيل – أساس ميديا

في لحظة استحقاقات قاسية بتواريخها وتكراراتها من اعادة فتح المدارس الرسمية التي تأخرت الى ما قبل نهاية الشهر، على خلفية توفير الأموال اللازمة، الى بداية السنة القضائية الجديدة، المتوقفة على مصير اعتكاف القضاة، الى تعيينات وشغور في مواقع قيادية في المؤسسات الامنية، الى مصير ملف النازحين، وحتى اللاجئين في مخيمات لبنان.
بدا المشهد بالغ الإلتباس، لجهة الاشتراطات المالية والالتزامات، سواء بسياسات معنية او تنفيذ استحقاقات معنية، فمثلاً بربارة ليف مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط، اشترطت استمرار المساعدات العسكرية للجيش اللبناني بانتخاب الرئيس العتيد، والرئيس نجيب ميقاتي ينقل عنه في نيويورك انه لم يلمس اهتماماً وجدّية دولية بالوضع في لبنان.
ونقل عن الرئيس ميقاتي قوله ان احداً لم يفاتحه باسم العماد جوزاف عون، ولم يسمع من نائبة وزير الخارجية الاميركي عن سقوط المبادرة الفرنسية، ملاحظاً جموداً على صعيد مساعدة لبنان الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشفت بعض مصادر المعلومات عن وصول موفد قطري، هو جاسم آل ثاني، في حين اجتمع الرئيس ميقاتي في نيويورك مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، مع الاشارة الى ان قطر على الخط مع افساح المجال امام استكمال مهمة لودريان، والاستعداد لدور اذا ما اقتضى الامر ذلك.

«الثنائي» لشروط جديدة

وبعيداً، عن نقطة «الثنائي الشيعي» على أول السطر (ص 3)، لجهة أن التسوية التي كانت مقبولة مع بداية الدخول الفرنسي على الخط، والمعروفة بصيغة «فرنجية – سلام» لم تعد مقبولة، باستثناء «رئاسة الجمهورية مقابل رئاسة الحكومة فقط»، على ان تشمل مواقع الدولة والوزارات السيادية لا بدّ وان تخضع لتسوية شاملة مختلفة عما طرح سابقاً..
ثمة شروط يتحدث عنها الثنائي مع التفاهمات الجديدة اذا حصلت، برعاية خارجية، مع يقين الجميع أن لا مباركة مسيحية لإدارة بري اي حوار يفضي الى انتخاب رئيس من زاوية ان رفض التسوية السابقة من الصيغة التي طرحها الفرنسيون بالتنسيق معه سيكون مكلفاً، مع اعلان التمسك بفرنجية كمرشح للثنائي، ما لم يعزف هو عن هذا الترشيح..
الى ذلك، ما تزال اوساط بري حذرة تجاه الاشتراطات المتزايدة لتلبية الدعوة للحوار، شرط ان لا يتولى هو شخصياً ادارته، وضمن سقف محدد سلفاً وبالشروط التقليدية اياها حول الصفات والبرنامج والعهد وما بعد الانتخابات.
وعلى امل ان يصدر موقف يناسب وضع لبنان عن اللجنة الخماسية التي اجتمع ممثلوها أول امس في نيويورك، ذكرت بعض المعلومات ان البيان لم يصدربعد وأنه ما زال عرضة للنقاش بخاصة ان اللجنة لم تلمس اي معطيات جديدة، وسط اراء متباعدة بين الاعضاء لا سيما الاميركي والفرنسي، بحيث يطلب الاميركي تحديد مهل زمنية لإنتخاب رئيس للجمهورية تحت طائلة التشدد وفرض عقوبات.
في هذه الاثناء لم يسجل اي حراك سياسي يُذكرحول الاستحقاق الرئاسي، بإنتظار الحراك الخارجي المصري والسعودي والقطري الذي يقوم به سفراء الدول الثلاث في لبنان، ووصول الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، فيما أفادت معلومات مساء عن وصول الموفد القطري المسؤول الأمني الكبير جاسم بن فهد آل ثاني (ابو فهد) الى بيروت، تحضيراً لزيارة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي.
من جانب سياسي آخر، وفيما يُستانف الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر يوم الجمعة المقبل، ذكرت مصادر مطلعة عل موقف التيار الحر ان الامور لا تزال تحتاج لبعض الاستفسارات حول هذا الحوار برغم بعض التقدم الحاصل، لا سيما حول اطاره والياته لتقرير الموقف النهائي منه بعد التشاور مع عدد الفرقاء الآخرين ايضاً. موضحة ان البحث يجب ان يتركزمن الان وصاعدا على الاسماء الممكن التوافق عليها لرئاسة الجمهورية اضافة الى المسائل الاخرى المتعلقة باللامركزية الادارية والصندوق السيادي وقضايا نيابية وإجرائية قانونية اخرى.
في جلسة خاصة جَمَعت شخصية قريبة من خطّ المقاومة مع الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصرالله سَمع الضيف كلاماً لم تتغيّر لهجته في رأي الأخير في حليفه الموثوق ميشال عون ووطنيّته ومشاريعه الإصلاحية التي سعى إلى ترجمتها واصطدمت بأمرٍ واقعٍ يَصعب تغييره في المدى القريب.
لكن للمرّة الأولى يدخل نصرالله على خطّ “مشاهداته” لولاية عون الرئاسية متوقّفاً في محطّة منها “عند سوء خيارات الرئيس عون للشخصيات كي يكونوا رجالات عهده في السياسة والأمن والقضاء والإدارة ثمّ انقلب الجميع ضدّه وانتهت ولايته مع تخلّي معظم من اختارهم عنه. وهذا واقع لا علاقة للحزب به”. أتى ذلك ضمن سياق مقاربة لطالما طرحها عون وجبران باسيل علناً لناحية تخلّف الحزب عن مساندة عون في مشروعه الإصلاحي ومكافحة الفساد.

ما لم يقُله نصر الله

ما لم يقُله نصرالله شخصياً يُسمع مراراً على لسان بعض المسؤولين في الحزب مع تسمية مباشرة لضبّاط كبار وقضاة وموظفين في الأجهزة الرقابية باتوا يقفون على المقلب الآخر ضدّ عون وباسيل، إضافة إلى حركة الاعتراض على أداء باسيل من نواب بارزين في التيار.
يُسلّم هؤلاء بواقع سيحكم على الأرجح المرحلة المقبلة: “على الرغم من جهد الحزب في المحافظة على العلاقة مع وريث ميشال عون السياسي يمكن القول إنّ ثمّة شيئاً قد انكسر مع جبران باسيل ويصعب جداً إصلاحه. مع ذلك، لبّى الحزب فوراً دعوة باسيل إلى الحوار، وهو منفتح على النقاش حتى مع “نقزة” من تقسيمات اللامركزية الإدارية المستندة إلى معيار مناطقي طائفي. وفي عمق النظرة إلى ملفّ العلاقة مع الأحزاب المسيحية، لا تُعوِّض، بالنسبة للحزب، العلاقة مع سليمان فرنجية وبعض حلفاء المقاومة المسيحيين غياب جسور التنسيق مع التيار الوطني الحر مع إصرار على الحلف معه (إلا إذا أتى الرفض من باسيل)، وإلّا يكن البديل سمير جعجع وسامي الجميّل، وهذا ما لا يمكن حصوله وقبوله”.

في هذا السياق يمكن رصد خطوة تراجعية من باسيل تحت سقف حواره المستمرّ مع الحزب. إذ كان لافتاً، على الرغم من تأكيدات باسيل العلنية وفي الجلسات الحزبية مع قيادات التيار لشرط إقرار بندَيْ اللامركزية الإدارية والصندوق الائتماني في مجلس النواب قبل أيّ نقاش رئاسي في الأسماء، تراجع رئيس التيار خطوة إلى الوراء حين قال بشكل صريح في خطابه الأخير: “إذا تعذّر علينا لضيق الوقت إقرار القانونين قبل الانتخابات الرئاسية فلنتعهّد علناً بالالتزام بإقرارهما كأولوية للعهد الجديد”.

المفتي باسيل

لكنّ باسيل قدّم “فتوى” لخطوة التراجع في البيان الصادر عن اجتماع الهيئة السياسية احتاج إلى مترجم لغة لفهم مغزاه، إذ قال: “نصرّ على إقرار القانونين قبل الانتخابات الرئاسية في حال اعتماد خيار تسهيل الاسم (أي في حال السير بخيار فرنجية)، أو الاتفاق على مرشّح جديد مع برنامج للعهد بحيث يشكّل هذان القانونان أولوية لإقرارهما في العهد الجديد (اتفاق على المرشّح الثالث أي غير فرنجية وجهاد أزعور وقائد الجيش)”.
المفارقة أنّ باسيل كرّر دوماً أمام قياديّي التيار قوله: “من سابع المستحيلات القبول بتعهّدات من أيّ نوع كانت. نريد إقرار القوانين في مجلس النواب وإلّا ما بشوفوا رئيس”.
لا يستقيم تقويم باسيل مع مواصلة الحزب التمسّك بترشيح فرنجية. وقد نُقِل عن مسؤول من الصفّ الأول في الحزب قوله: “مرشّحنا سليمان فرنجية ولو بعد عشر سنين. هو الوحيد من بين باقة المرشّحين الذي نثق به”.

لا تقلّ أزمة باسيل مع الحزب أهميّة عن الأزمة داخل بيته الحزبي. في احتفال “التيار الوطني الحر” بالولاية الجديدة للنائب جبران باسيل التي فاز بها بالتزكية للمرّة الثانية على التوالي تغيّب أربعة نوّاب هم: آلان عون والياس بو صعب وإبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا.
الأوّل مكلّف باسم باسيل التحاور مع الحزب في بندَيْ اللامركزية الإدارية والصندوق الائتماني كمدخل لأيّ تسوية رئاسية، والثاني قد يكون الواجهة لأيّ حوار نيابي حول الرئاسة بدفع من الرئيس نبيه برّي وبفيتو من باسيل، والثالث سوّق نفسه مرشّحاً رئاسياً بدعم من بكركي في ظلّ إدارة ظهر كاملة من باسيل، والرابع تنتظره معركة “قصقصة جوانح” قاسية في جبيل في الانتخابات النيابية المقبلة بدأها باسيل لتوّه باختيار ربيع عوّاد (شيعي من جبيل) نائباً له للعمل الوطني.

جبل الجليد الذي يباعد بين باسيل و”قادة” تياره لم يعد سهلاً إخفاء معالمه. لم يعد هذا الواقع العوني المأزوم يُشكّل أيّ مفاجأة للتياريّين ولباقي القوى السياسية، خصوصاً بعدما بات بند النزاعات الداخلية ثابتاً في خطابات باسيل، وآخرها في احتفال الولاية الجديدة الذي وجّه فيه رئيس التيار كلاماً عالي السقف عن “كتير رجال هزّوا وزَحَلوا كيلومترات وناس ما هزّوا ميليمتر واحد”، مع تذكير بأنّ “الحقّ بالاختلاف مكانه ليس بالإعلام والصالونات ولمّا بيصدر القرار الكلّ بيلتزم فيه، ويللي ما بيلتزم فيه بيكون حطّ حاله خارج النظام وتحت المساءلة والمحاسبة وخارج التيار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock