راديو الرقيب
خاص الرقيبخاص سلايدرمقالات

المدينة على مفترق الورقة والقلم: صوتٌ واحد لستّ سنوات مقبلة!

بقلم: لبنى عويضة…

خاص: جريدة الرقيب الالكترونية

في مدينة تتقاسمها العتمة والانتظار، حيث الشوارع غير المعبّدة، الحدائق المنسيّة، والبنى التحتية التي تنهار بصمت، تُنظَّم الانتخابات البلدية كأنها موعد طبيعي في حياة مستقرة. لكن الحقيقة أن هذه المدينة، كغيرها من مدن الشمال، لم تعد تعيش حياة طبيعية، بل تفتقر إلى الحد الأدنى من مقوّمات العيش الكريم.

أيام قليلة تفصل الناس عن التوجّه إلى صناديق الاقتراع. سيضعون أوراقًا في صناديق شفّافة داخل مدارس أنهكها الإهمال، تحت أضواء خافتة، أو على وقع انقطاع الكهرباء. والسؤال هنا ليس “من سينتصر؟” بل: ما الذي يدفعنا إلى إعادة إنتاج واقع نعلم تمامًا أنه لم يكن منصفًا لنا؟

كثيرون سيشاركون بدافع العادة، أو التزامًا اجتماعيًا تجاه بعض المرشحين، لا بدافع الأمل. وقد يبدو ذلك مفهومًا في بيئة يقلّ فيها الإنجاز، ويغيب عنها الحس المدني النشط. فتتحوّل الانتخابات من مساحة لطرح الرؤى إلى مناسبة لملء الفراغ، لا أكثر.

أحيانًا يكون التصويت محاولة للحفاظ على ما نعرفه، حتى لو لم يكن الأفضل. فالتغيير يتطلّب مغامرة، والمغامرة تحتاج إلى ثقة، والثقة تُبنى على تجارب ناجحة… وهي أمور نفتقدها غالبًا.

الانتخابات البلدية ليست مناسبة تنظيمية عابرة. من يُنتخب اليوم يقرّر كيف تُصرف أموال البلدية، كيف تُدار المرافق العامة، وكيف تُواجه التحديات البيئية والمعيشية. المجلس البلدي هو الجهة الأقرب لحياة الناس اليومية، ولهذا يجب أن يُبنى الاختيار على قراءة حقيقية لحاجات المدينة، لا على معرفة سطحية بالأشخاص.

لماذا ننتخب من أطفأ إنارتنا؟

سؤال ينبغي أن يُطرح بجرأة. لماذا يُنتخب من لم تُزفت شوارع الحيّ الذي يُفترض أنه خدمه؟ لماذا يُعاد تكليف من أغرق المدينة في النفايات؟ لماذا يُكافأ من لم ينجز حتى خطة لترتيب موارد البلدية؟

الإجابة ليست سهلة، لكنها تدور حول ثلاثية: الخوف، العجز، واليأس.
الخوف من التغيير، من المجهول، من كسر الاصطفافات المعتادة.
العجز عن إنتاج بدائل جدّية تمتلك القدرة والخبرة.
واليأس من أي إمكانية لتحوّل فعلي، وكأن الانهيار بات قدرًا لا يُرد.

كل مجلس بلدي هو بمثابة “مجلس إدارة” للمدينة. من نختاره اليوم يقرّر شكل طرقاتها، مستوى خدمتها، نوعية مشاريعها، ومصير أموالها.
البلدية ليست منصبًا رمزيًا، بل مسؤولية تنفيذية تتطلّب كفاءة، رؤية، واستعدادًا للعمل الجماعي. وإن كانت المدن لا تنهض بالعفوية بل بالتصميم، فإن الخطوة الأولى تبدأ من هنا: كيف نختار؟ ولماذا؟
هل من ننتخبه اليوم قادر فعلًا على حل مشاكلنا؟
هل نعرف مشروعه؟ رؤيته؟ أولوياته؟
أم أننا نُسلّم الورقة في الصندوق بدافع العادة، أو لأننا لا نعرف بديلًا آخر؟

صوتك اليوم… مستقبل مدينتك حتى 2030!
المجلس البلدي الذي ننتخبه اليوم سيصاحب المدينة حتى عام 2030.
هو من سيتخذ القرارات اليومية التي تصنع فرقًا في حياة الناس: إنارة، حدائق، طرقات، مشاريع تنموية…
ولهذا، لا تقارب الانتخابات كحدثٍ عابر، بل كفعلٍ يؤسّس لما هو قادم.

اختر بقلبك، بعقلك، وبمسؤوليتك كمواطن.
فالمدينة، بكل أحلامها وإمكاناتها، تستحق أن تخرج من عتمتها.
وورقة واحدة في صندوق… قد تحمل في طيّاتها مصير مدينة كاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock